![]() |
إذا لم نحسن التعامل مع مشاعرنا فإنها تسقطنا في قاع مظلمة |
كيف تهزمنا المشاعر؟
"الخلاص يكمن في الداخل"، كثيرون ممن يتبنون هذا المبدأ. و أنا معهم. لأن مراقبتي للحياة و لنفسي و للناس من حولي، جعلتني أتبنى هذه القناعة.
فمعظمنا يتصرف بتدمير ذاتي، و هو يأمل أن يدمر الآخرين. و لكنه في الأصل يدمر نفسه فقط. و السبب في هذه التصرفات، هي المشاعر الفياضة و المتدفقة التي تغمرنا كسيل فتقذفنا في عالمها و لا نستطيع الفكاك منها.
و إذا أدمن الإنسان مراقبة مشاعره، فإنه سيفهم أشياء كثيرة عن نفسه و عن الناس من حوله أيضا.
فالمشاعر التي تغمرنا و التي لا نفهمها و لا نستطيع التحكم فيها، هي التي تجعلنا نتصرف بعدائية و انتقامية و سلبية و هروب و تقوقع، هي التي تجعلنا ندمر أنفسنا و العالم من حولنا.
نعتقد بأن العالم و الناس من حولنا هم الظلام، و لكن مشاعرنا هي المظلمة، و لا إراديا نتركها تتحكم فينا و تستنزفنا من الداخل و من الخارج أيضا.
فمعظم الأحداث، لو تأملتها ستجدها محايدة. و لكن المشاعر التي نسقطها عليها هي التي تعطيها طعما، حلوا أو مرا.
و هكذا قد يتساءل الإنسان بموضوعية، هل الأحداث هي التي تؤذيه أم المشاعرالمزعجة؟ أين المشكل؟ في الأحداث أم المشاعر؟
الشخص الذي تكون مشاعره هي المتحكمة و المسيطرة عليه، في الغالب لن يأخذ قرارته انطلاقا مما يريد و لكن مما يشعر به.
فقد يكون في قرارة نفسه، يريد أن يمضي وقتا ممتعا مع مجموعة من الناس، و لكن لأنه يشعر بمشاعر الرفض و الضيق، فإنه سيلغي ذاك التجمع مع أنه في العمق هو يريده.
و هكذا، لو تأملت من حولك، فإن معظم الأشخاص الناجحين اجتماعيا و عاطفيا، و صلوا إلى درجة كبيرة من النضح أو الفهم المشاعري. فأصبح يفصل بين ما يشعر به و ما يريد و ما إذا كان ما يشعر به حقيقة أم نابع من أحداث و مشاعر بالماضي لم يتسامح معها أو عجز على التسامح معها.
فالمشاعر تهزمنا بالضبط عندما نكون غير قادرين على فهمها، أو ضبطها. أي عندما نكون في غفلة منا و نتصرف بآلية.
و لكن، متى راقب الإنسان نفسه و مشاعره و أفكاره، و تساءل في كل لحظة عن دوافعه الخفية و المعلنة، و عن ماهية المشاعر التي تحركه من أجل اتخاذ هذا القرار بدل من قرار معاكس، عندها سيصبح أكثر وعيا و أكثر سيطرة على حياته و لن يترك أبدا المشاعر تهزمه ليجد نفسه يقوم بخيارات ليست في مصلحته.