recent
جديد المدونة

قوة الصمت

قوة الصمت
الصمت لغة نتواصل بها بجمال و حكمة الكون


 قوة الصمت

أصبح من الصعب أن نستشعر الصمت و الهدوء في حياتنا. فالضوضاء تحيطنا من كل جانب: صوت السيارات، صوت التلفاز المرتفع، صوت قاطني شقق العمارات، صوت لعب الأطفال في الشارع، صوت الفيديوهات...

و حتى إذا لم يكن هناك صوت، فإننا سنعيش ضوضاء من نوع آخر، و هي ضوضاء الأخبار و كثرة المعلومات.

فكل يوم، سواء أردنا أو لم نرد سنجد أعيننا قد وقعت على مئات من الأخبار و مئات من المعلومات و مئات من المعطيات و في الغالب هي أخبار سلبية أو تافهة مما يجعلنا نعيش تخمة في الأفكار و يتملكنا فراغ روحي و قنوط لا نفهم أسبابه.

هذه الضوضاء تصيبنا بالإزعاج و ترهقنا داخليا و خارجيا. لأنها تمنع عنا التركيز، و تجعلنا نعيش نوعا من التشتت و التلوث في ذهننا.

و في كل لوحة فنية، يوجد الشكل و الفراغ.

 و لو تأملت منزلك الذي تقطن فيه فإنك ستجده مليئا بالفراغات و تلك الفراغات هي التي تمنح للبيت مساحة أكبر تجعلك تشعر بالراحة. فتخيل منزلا كل جزء فيه ممتلئ بالأثاث أو بالكراكيب أو بأي شيئ آخر فأكيد ستشعر بروحك تختنق و لن تقدر أبدا على الحياة في منزل كهذا. 

و لكن كيف يمكننا أن نعيش الصمت في أسلوب حياة صاخب؟ كيف يمكننا أن نخمد تلك الضوضاء التي تقتحمنا من كل جانب؟

الإنسان لا يمكنه أن يتحكم إلا في الأشياء التي يمكن أن يسيطر عليها هو. فأنت لا يمكنك أن توقف صوت السيارات و حركة الشارع  و صخب الجيران إلا إذا كانت لديك إمكانيات لتغيير منزلك و مكان إقامتك، و إذا كانت عندك القدرة أن توازن بين استغلال هدوء ضواحي المدينة و قدرة الانتقال السلس إلى المدينة لاستغلال مرافقها من تعليم و ترفيه.

و لكن يمكنك، أن توقف الصخب و الضوضاء الذي يمكنك أن تتحكم فيه أنت. و عليه يمكنك أن تقرر أن تصوم عن التلفاز و عن وسائل الإعلام كافة  و عن الأخبارعلى الأقل يوما في الأسبوع.

كما أنه يمكنك أن تتجنب كثرة الجدال و الكلام و النقاشات التي لا تنتهي و التي في الغالب تنتهي بخصام أو بمشاعر سلبية أو بمشاحنات يمكن تجاوزها. و تفعل كما فعل زكرياء عليه السلام حيث لم يكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا.

و لو بدأ الشخص منا بهذين الخطوتين فقط، سيتعلم يسمع صوت الصمت.

 و صوت الصمت أقوى بكثير من ضوضاء الكلام و الثرثرة، لأن الصمت طاقة نقية توصلك إلى الحكمة الداخلية، و تجعلك ترى الأشياء و الأشخاص كما هم و ليس كما تريدهم أن يكونوا. فالكلام و الثرثرة و الضوضاء في الغالب ستحجب عنك الكثير من الحقائق.

فللصمت قوة لن تعرفها إلا إذا بدأت في تطبيق الصمت في حياتك.




google-playkhamsatmostaqltradent