recent
جديد المدونة

المنزل: موطن الروح الثاني

 

المنزل موطن الروح الثاني

المنزل موطن الروح الثاني بعد الجسد

المنزل: موطن الروح الثاني

الجسد مسكن الروح، فلو كان الجسد متعبا أو عليلا فإن الروح ستشعر بالإنزعاج. و لهذا الحفاظ على صحة جسدنا عبر الأكل الصحي و الرياضة و النوم الكافي هو بطريقة ما من أجل العناية بروحنا حتى تستطيع أن تبدع و تسعد و تستمتع و تنتج.

و منزلنا هو الموطن الثاني للروح. فليس عبثا أن قال الرسول صلى الله عليه و سلم في حديث شريف " من سعادة المرء: الجار الصالح، و المركب الهنيء، و المسكن الواسع". فالمسكن الواسع من سعادة الأنسان. و هو نعمة كبيرة.

و لكن، و نظرا لغلاء المعيشة و العقار، ليس كل واحد أصبح قادرا على اقتناء مسكن واسع. و لكن مازال كل واحد قادر على أن يعتني بمنزله كما هو قادر على العناية بجسده. فهو خيار ذاتي و فعل بالدرجة الأولى موقوف عليه و ليس على الآخرين.

فلا أحد يستطيع أن يعتني بصحتك إذا لم تأخذ أنت القرار و تحملت أعباءه. فحتى لو انخرطت في نادي رياضي أو حتى لو استعنت بمدرب رياضي شخصي فمهما حاول، لن يستطيع أن يقوم بالحركات الرياضية بدلا عنك و لن يتحمل عرق و ألم الرياضة بدلا منك. فهو شيء يخصك وحدك.

و كذلك العناية بمنزلك. فمنزل مريح ليس بالضرورة منزل مليء بأثاث غالي الثمن أو منزل باذخ. بل هو منزل منظم و يجيب عن احتياجاتك.

فكل منزل له لمسة خاصة و مختلفة عن المنزل المقابل له لأنه ببساطة تقطنه روح مختلفة.

و لكن عندما نتجاهل احتياجاتنا الذاتية، و نحاول تقليد جيراننا في ديكورات و تصاميم منزلهم فتأكد بأنه قد يكون لك منزل جميل و لكن أبدا ليس مريحا و روحك أبدا لن ترتاح فيه و ستشعر دائما بالإزعاج و الضيق بدون أن تعرف مصدره. 

إذن، ما هو المنزل الذي يعبر عنا؟ هو المنزل الذي يجيب على هوية أرواحنا، هو المنزل الذي تصمم فيه الفضاءات انطلاقا من رغباتنا نحن و ما نفعله حقا و ليس ما لا نفعله.

لنفترض بأنك تعشق القراءة و الكتابة، إذن منزلك لا بد أن يحتوي على فضاء به مكتبة و مكتب أنيق. و يمكن أن تقلص من مساحات الفضاءات الأخرى لتحصل على هذا المكان لأنه ضروري بالنسبة إليك و من أولويات روحك.

لنفترض بأنك متدين، و يعجبك أن تعيش تواصل روحي مع الله. من الضروري إذن أن يكون لك فضاء خاص بك للخلوة و الصلاة و التعبد لا يزعجك فيه أحد.

فمريم العذراء عليها السلام، كان لها محراب أي مكان تخلو و تتعبد فيه و زكرياء عليه السلام كان يدخل عليها في المحراب.

و لنفترض مثلا بأنك لست اجتماعيا و لا تستقبل الكثير من الضيوف، فمن العبث أن يكون منزلك به فضاء استقبال كبير لا تستخدمه و حجر صغيرة تنام و تجلس فيها.

لنفترض أنك تحب الرياضة، أو تريد أن تمارس الرياضة في منزلك، إذن حاول أن تخصص فضاء لذلك، و ابحث عن فضاءات ليست بأولويتك و قلص منها أو تخلى عنها.

مشكلتنا حتى في تسويق المنازل، تعودنا أن نسوق و نصمم المنازل بعدد الغرف و حجم المساحة و ليس بالمهام. فنشتري منزل بغرفتين أو ثلاث غرف أو أربع. و في برمجتنا اللاواعية غرف المنزل تنحصر في النوم، أو الأكل أو الجلوس و مشاهدة التلفاز.

و هكذا إذا وصف أحدهم منزله، فسيقول في منزلي غرفة الجلوس، غرفة النوم، غرفة الأطفال، غرفة الضيوف و غرفة الأكل.

لا أحد سيجرؤ بوصف منزله بالمهام، أي في منزل يوجد فضاء اقرأ و أطالع فيه، و فضاء أصلي فيه، و فضاء أنام فيه، و فضاء أشاهد فيه التلفاز و أسترخي فيه، و فضاء ألعب فيه الرياضة، و فضاء استقبل فيه  الضيوف و العائلة... إذا وصف منزله هكذا سيتصور المستمع بأن له قصرا لأن كل فضاء سيربطه بغرفة و لكن ليس صحيحا أن الفضاء هو غرفة.

إذن على الإنسان أن يسأل روحه أولا عما يريد أن يفعله في منزله و كيف يريد أن يعيش في منزله حتى يصبح بيته موطن روحه الثاني، و ينتقل من مفهوم الغرف إلى مفهوم الفضاء.

 








google-playkhamsatmostaqltradent