كيف تحافظ على التركيز؟
في أحد الأفلام الوثائقية التي كانت تتحدث عن أثرياء ألمانيا، سأل الصحفي أحد الأثرياء عن شعوره و هو يرى اسمه في صفحة ترتيب الأثرياء لمجلة متخصصة بالمال و الأعمال، فأجابه بأنه يقرأ المجلة و لكنه يتجاهل تلك الصفحة لأنه يفكر في أهدافه و لا يريد لشيء أن يشتته.
جوابه حرك شيئا في أعماقي. و فهمت بأنه لتكون ثريا و ناجحا في الأعمال تحتاج فعلا إلى قدرات خاصة. فهذا الثري يعرف الطبيعة الإنسانية، و يعرف أن رؤية اسمه مع ترتيب الأثرياء سيصيبه بالغرور، و عدم رؤية اسمه سيصيبه بالإحباط، و رؤية اسم غريمه في الترتيب سيصيبه بالحقد و الغل، و عدم رؤية اسم غريمه ستجعله يشمت فيه...
إذن في جميع الأحوال، رؤية الصفحة سيصيبه بالتشتت الذهني، فابتعد عنها مركزا على أهدافه. و هذا هو بالضبط التركيز.
و أحد لاعبي التنس المشهورين، كان يلعب مباراة مصيرية و فوقه طائرات تحلق بصوت مزعج جدا. عندما انتصر في المباراة سأله المذيع كيف تعامل مع صوت الطائرات؟ فأجابه لاعب التنس: أي طائرات؟
هذا هو التركيز. فكل انتباهه كان على المباراة و على حركة الكرة و على صوت لطمة المضرب.
و التركيز هو أهم صفة، لو كانت عندك فإنك قادر على أن تحقق كل شيء و أهم شيء سيحققه لك التركيز هو التخلي تماما عن كل المشاعر السلبية من إحباط و يأس و قلق.
فالتشتت هو الذي يخلق هذا النوع من المشاعر. و كذلك الإنسان المشتت الغير القادر على التركيز هو الذي ستنتابه هذه المشاعر.
فهي تشبه دائرة مفرغة، فإذا كنت محبطا و يائسا فلن تكون مركزا. و إذا لم تكن مركزا فإن مشاعر الإحباط و اليأس ستهجم عليك.
لأن التركيز، يعني التركيز على الفعل نفسه، على الهدف، على العمل و لا تهتم أبدا بما سوى ذلك.
و لكن نحن البشر، تحركنا دوافع مختلفة، و لهذا بطريقة ما كل شيء مرتبط فينا. فلو كانت تحركنا دوافع خبيثة يصعب جدا أن تكون مركزا على أفعالك. و لكن ستكون مركز على المكاسب و على النتائج و على الأطماع.
و لو كنا نهتم بأراء الناس و نقوم بالكثير من المقارنات، فإن دماغنا في الغالب سيكون مشتتا و لن نكون قادرين على التركيز على ما نريد القيام به. لأنه سيوجد دائما صوت داخلي سيشتتنا عما نريد فعله ليسألنا عما سيقول الناس؟
فالأشخاص القادرة على التركيز، هي أشخاص اشتغلت على كثير من نقاط الضعف الإنساني، و تعلمت كيف تمنح كل كيانها للعمل الذي تقوم به.