recent
جديد المدونة

وضح نيتك

 وضح نيتك

" إنما الأعمال بالنيات، و إنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله، فهجرته إلى الله و رسوله، و من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" حديث شريف

إن النوايا أو الدوافع التي تحركنا هي التي تستطيع فعلا أن تحدد من نحن حقا. و هي فعل داخلي لا أحد يستطيع أن يعرفه إلا الشخص نفسه الذي انبعث منه الفعل أو العمل.

و لهذا الإنسان يمكنه أن يخدع العالم بأسره و لكنه لا يمكنه أبدا أن يخدع نفسه، فكفى بنفسه عليه حسيبا و رقيبا.

و لفهم موضوع النية هذا، دعونا نعطي مثالا، لننظر إلى بائع في محل بقالته، و دخل عليه شخص ضرير، و اشترى منه، و أعطاه حفنة من المال، فأخذ البائع ما يخصه و أعاد له الباقي. هل هذا الفعل يمكن أن يكشف شيئا عن نية البائع؟ أم نيته لا يعلم بها إلا الله و عليه فهو سيجازى على حساب نيته و ليس على حساب فعله؟

فمن الوهلة الأولى قد يبدو فعل صاحب المحل أخلاقيا، و لكن من الممكن أيضا أن يكون قد خاف على سمعة محله، أو خاف أن تراه الكاميرات، أو خاف أن يراه أحد من الزبائن فيجد نفسه في متاعب هو في غنى عنها.

إذن فعل الإنسان لا يكفي وحده ليحدد القيمة الحقيقية للشخص، بل قيمتك أنت وحدك التي تعرفها حق المعرفة، و لهذا ديننا الحنيف يأمرنا بتجديد النية كل يوم و في كل فعل نقوم به أو ننوي أن نقوم به.

لأنه قد يدخل الرياء إلى قلوبنا، و قد يدخل الطمع، و حب التسميع، و حب الظهور و السعي نحو السمعة، وووو... ففي هذه الحالة أعمالنا ستتبع نيتنا.

و لكن قد يقول قائل، إذا كان الفعل نبيلا، فبماذا تهم النية؟ إذا كان فعلي سيخدم البشربة فما المشكل  لو أني قمت به من أجل المال أو من أجل الشهرة أو من أجل السلطة أو لأنتصر لنفسي و أظهرها على حق؟

لأن النية تضم أيضا المشاعر المصاحبة لذلك الفعل. و الإنسان في كل فعل لا يقدم العمل فقط و لكن يقدم العمل و المشاعر المصاحبة له . أي بمعنى آخر، في كل فعل نقوم به، نعطي أيضا جزءا من عالمنا الداخلي أو جزءا من أرواحنا.

فالأم عندما تطبخ طبخة بحب، فإن الوصفة تكون لذيذة و بها بركة، و لكن إذا طبختها بتذمر و شكوى فإن الطعام في الغالب لا يكون لذيذا.

فتجديد النية،  بطريقة ما تعني تجديد مشاعرنا الداخلية لنراقب و نعرف ما هي الدوافع التي تدفعنا و تحركنا، و كلما كانت النية صافية أي المشاعر المصاحبة لذلك الفعل نقية لا تبغي رياء و لا سمعة و لا أجرا و لا انتصارا للنفس و لكنها تقوم بالفعل ابتغاء مرضات وجه الله و إيمانا منها بقيمة الفعل نفسه، أي تقوم بالفعل لذات الفعل نفسه و ليس لشيء آخر، كلما كان العمل مقبولا عند الله و مباركا لصاحبه.


  




وضح نيتك

وضح نيتك و اعلم أن النوايا شاسعة كالبحر



google-playkhamsatmostaqltradent