أخبار... أخبار... أخبار
كل صباح كان يصرخ و هو يلوح بالجريدة: اخبار...اخبار..اخبار... من يريد المزيد من الاخبار؟ من يريد أن يعرف تفاصيل انفصال بيكيه عن شاكيرا؟ من يريد أن يعرف آخر إحصائيات مرض القرود؟ من يريد أن يعرف أين وصل الرئيس بوتين في حربه ضد أوكرانيا؟ من يريد أن يعرف سعر البنزين؟ من يريد أن يعرف آخر ما قاله تسلا؟ اشتر مني الجريدة و أخبار العالم ستكون بين يديك...
و بما أن في كل تجارة يوجد منافسون، فكان يجيبه صوت جاره الذي يبيع بطاقات الهاتف ليفسد عليه دعايته: اشتر مني بطاقة اشتراك في الانترنت و ستنقر اكثر من ألف نقرة في اليوم...
في كل نقرة خبر، في كل نقرة دعاية، في كل نقرة حديث عن حياة المشاهير، في كل نقرة نصيحة حول ما يصلح لك و ما لا يصلح لك، في كل نقرة نغمة، في كل نقرة تسلية، في كل نقرة فضيحة، في كل نقرة جديد، في كل نقرة دردشة، في كل نقرة تيكتوك.... ماذا تريد أكثر من هذه الحياة؟ نقرة يا محسنين.. اشتر مني بطاقة الاشتراك و يمكنك أن تصبح انت الخبر و أنت صانع الحدث... اشتر مني بطاقة الاشتراك و يمكن أن تصبح أنت النقرة...
بجانبهما، كان يوجد بائع الكتب المقرصنة على الرصيف، فأخذته الحماسة، فأخذت يصيح: تعال اشتر "معجزة الصباح " و استيقظ في الخامسة صباحا، تعال اشتر "عقلية المليونير" لتصبح ثريا، تعال اشتر " قوة الآن" " باش تعيش و ماتحضيش"، تعال اشتر " كيف تؤثر على الآخرين" ليصبح لديك الكثير من الأصدقاء...
في قلب هذا الزخم من الدعاية و الصراخ، كان أحد المتشردين بلباس رث و شعر مبعثر و قذر يسأل بصوت ضعيف: من يهتم بأخبار جيرانه هل ناموا و هم جياع فيطعمهم؟ من يهتم بأخبار المتشردين كيف يعيشون فيخفف عنهم؟ من يهتم بأخبار الفقراء فيتصدق عليهم؟ من يسأل عن أخباري؟
 |