recent
جديد المدونة

صغير... و القرار كبير

صغير... و  القرار كبير

 

البارحة، دردش معنا أستاذ الرسم و هو يحكي لنا عن تجربة مر بها و هو مراهق. حيث أنه نجح في مباراة وطنية للرسم و حاز على المركز الأول. فسألناه عن الجائزة فقال لنا: مبلغ مالي بقيمة ستة ملايين سنتيم و منحة لدراسة الرسم في الخارج، و أكمل قائلا بأنه أخذ المال ورفض المنحة.

.كل الطلبة استغربوا لماذا لم يقبل المنحة الدراسية ليكمل دراسته في أوربا. 

.فكان جوابه ببساطة: كنت صغيرا و القرار كان كبيرا

جوابه بدا لي مقنعا و ملهما أيضا. و خاصة أنه لم يكن يبدو عليه الندم على الإطلاق. و جوابه جعلني أفكر في مسألة القرار أو الاختيار بطريقة مختلفة لأول مرة في حياتي.

فكثيرا ما نندم على قرار اتخذناه أو لم نتخذه في حياتنا. و نعتقد بأنه كان يمكننا أن نتخذ قرارا مختلفا و بأنه كان سيكون الأفضل.

و لكن ألا تعتقدون معي بأن كل قرار نتخذه تلزمه طاقة أو وسع نفسي أو جهد معين و بأن القرارات التي نتخذها في غالب الأحيان تتماشى مع هذا الوسع الذاتي. 

فيمكن أن نفترض أن كل القرارات تتطلب ثقلا معينا، و هكذا من يستطيع حمل عشر كيلو مثلا فإنه لن يستطيع أن يحمل قرارا يتطلب خمس عشر كيلو مثلا و إذا فعل فإنه سيتعرض لتمزق عضلي، و لكنه يمكن أن يخاطر بقرار يتطلب جهد إجدى عشر كيلو مثلا.

و لكن لماذا نندم في هذه الحالة على قرارتنا و لا نتصرف كما فعل هذا الفنان الملهم الذي قال " كنت صغيرا و القرار كان كبيرا"؟

ربما لأننا نقارن اختياراتنا بما فعله الأخرون. فننظر إلى شخص اختار عكس ما اخترناه و نحكم عليه بأنه نجح لأنه لم يختر ما اخترناه بل فضل نقيضه. و لكن نحن حتى لم نسأل أنفسنا مثلا إذا كان بعتقد ذلك الشخص بأنه فعلا كان موفقا في اختياره أم هو الآخر ينظر إلى اختياره بأنه لم يكن الأفضل أيضا.

كثيرة هي الأفلام التي تناولت مسألة الاختيار هذه، ربما أشهرها  (The Butterfly Effect. فبطل الفيلم كانت له القدرة للرجوع إلى  الماضي و تعديل الخيارات، و لكن في كل خيار جديد كانت تظهر مشاكل مختلفة من نوع جديد.

و لهذا بدا لي جواب هذا الشاب حكيما و ملهما، لأنه أدرك بطريقة ما بأنه لا يوجد خيار مثالي و لكن فقط توجد مسؤولية اتخاذ القرار و تقبله برضا و السعي فيه على أساس أن الاختيارات هي وسيلتنا نحو النمو و الاتساع الروحي و الإنساني.


(The Butterfly Effect)لمن يريد الاستمتاع بمشاهدة الفيلم


google-playkhamsatmostaqltradent