![]() |
المعرفة هي ما يميز الجنس البشري |
خطوات صغيرة نحو التعلم
قد يكون العصر الذي نعيش فيه من أجمل العصور التي عاشتها البشرية، لسبب واحد فقط و هو أن المعرفة أصبحت متاحة للجميع.
فما كان في الماضي يستغرق وقتا كبيرا لتعلمه أو فهمه أو البحث عنه، اليوم فيديو واحد في اليوتوب يمكنه أن يعلمك عدة مهارات في أي مجال تريده، سواء في الطبخ أو الرقص، أو تعلم مهارة فنية أو أي شيء تريده.
إلى عهد قريب، في فترة السبعينات و الثمانينات و حتى التسعينات، كان هذا الأمر شبه مستحيل.
الحصول على المعرفة الجيدة، كان أمرا نادرا و يوجد فقط في المكتبات الوطنية و مكتبات الأحياء.
و لكن النقطة السلبية في الموضوع، هو أننا أصبحنا نعاني من التخمة المعرفية و من الإفراط في المعرفة. فلم نعد قادرين على التركيز تماما على ما نريد.
فقد تريد تعلم التصميم الجرافيكي مثلا، و لكن سرعان ما ستجد نفسك قد تشتت بين آلاف الفيديوهات و مئات الدروس و عشرات التطبيقات. لتكتشف بأن يومك مر و أنت لم تحقق الشيء الكثير مما كنت تريد، أو ربما قد تكون انحرفت تماما عن مسارك الأولي.
فالتعلم في الوقت الحالي هو مسألة إرادة و تركيز. لأن العائق الذي سيصادفك في مرحلة التعلم ليس قلة المصادر و لكن كثرتها و تنوعها أيضا.
فهكذا إذا كنت شخصية فضولية تحب المعرفة و الإضطلاع قد تضيع مع الزخم المعرفي الذي يوجد حاليا. و قد تمضي حياتك بأكملها لتجد بأنك لم تفعل شيئا سوى الإنتقال من معرفة إلى معرفة، من فيديو إلى فيديو، من دورة إلى دورة دون أن تصنع بتلك المعرفة شيئا.
فالتحدي الذي يواجهنا في العصر الحالي ليس هو كيف يكون عقلي ممتلئا لأنه في جميع الأحوال لا يمكنه أن يكون ممتلئا أكثر من الشبكة العنكبوتية، و لكن كيف أستطيع توظيف ما أتعلمه لتحسين حياتي و أدائي و علاقاتي و للزيادة في مواردي و لتحسين حياة بلدتي و مجتمعي.
و عليه، التعلم المثمر يبدأ أولا بخطة عمل. مفادها ماذا أريد أولا؟ أو ماذا أريد أن أفعل في حياتي؟ أو ما هو السيناريو الذي أريد أن أشتغل عليه؟
ثم أبدأ في تعلم المهارات و التقنيات التي ستوصلني إلى ذلك.
فما الفائدة مثلا في أخد دورة في فن التسويق عبر الإنستاغرام، إذا كنت أصلا لا تنوي أن تفتح حسابا على الإنستاغرام.
ففي وقتنا و حتى نحافظ على التركيز و لا نضيع في الطريق، على الإنسان أن يكون عارفا بالضبط لما يريد، و مركزا تماما عليه.