![]() |
النمو يحصل عند الخروج من منطقة الراحة |
الحياة جوانب متعددة، فعجلة الحياة تتضمن الجانب الأسري و الجانب الشخصي و الجانب العاطفي و الجانب الروحي و الجانب المادي و الجانب المهني و الجانب الإجتماعي.
فهناك أشخاص يجدون سهولة في التطور في بعض الجوانب، و لا إراديا تجدهم يهملون جوانب أخرى.
و هم هكذا، في الحقيقة لم يخرجوا من منطقة راحتهم. نعم. أغلب الناس إلا القليل القليل جدا من استطاعوا فعلا أن يخرجوا من منطقة راحتهم.
لأن الخروج من منطقة الراحة يعني محاولة الإجابة على الأسئلة العالقة و ليس تجاهلها. فقد يكون أحد الأشخاص مرتاح ماديا و يجيد التعامل مع المال و هو لم يصل إلى هذا إلا لأنه قادر على الخروج من منطقة راحته في الجانب المادي، و هذه القدرة هي التي تمنحه التطور و الإزدهار في ذلك الجانب. و لكنه مثلا من الناحية العاطفية عاجز على الخروج من منطقة راحته، فتجده يردد مع نفسه تلك الشعارات المخدرة مثل " لا يوجد حب" " المال هو كل شيء" " الرجال خونة و النساء انتهازيات"...
و هو بهذا يحاول أن يظل في منطقة راحته فيما يخص الجانب العاطفي مثلا، و لا يحاول أن يخرج من تلك المنطقة ليبدأ في العمل الجاد لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هزيمته في الحب.
و نفس الأمر يحصل مع من هو سعيد في الحب، و لكن لا مال لديه. فهو سيحافظ على منطقة راحته، و لن يحاول أن يخرج منها ليعرف أسباب فقره. بل سيردد مع نفسه شعارات مطمئنة مثل " القناعة كنز" " الحب هو كل شيء" " المهم هي العائلة" " المال قذر و لا مبادئ له"...
و لكن في الحقيقة، الإثنين معا ظلا في منطقة راحتهما، و لم يحاولا أن يعالجا الجانب المزعج في حياتهما.
كل فرد منا له جانب مزعج في حياته، و أغلبنا بدل أن يحاول أن يبدأ بخطوات و لو صغيرة لعلاجه و التطور فيه، فإنه يستند إلى الجوانب القوية في حياته و يحاول أن يجد فيها الخلاص و البديل لما يعانيه بصمت.
و لهذا، ليس سهلا الخروج من منطقة الراحة فعليا، و أغلبنا مع أنه قرأ و سمع كثيرا عن هذا المفهوم إلا أنه لا يطبقه في الجوانب التي تؤلمه كثيرا لدرجة أصبح يستنكر و يتجاهل ذلك الألم، بل هو في الأصل يطبقها في الجوانب المتفوقة لديه في حياته، و الذي هو في الأصل لا يجد إشكالا في أن يخرج فيها من منطقة راحته.
و في الحقيقة، هناك مدرستين أو رأيين متعارضين. هناك من يعتقد بأن على الإنسان أن يركز على نقاط قوته و يبدع فيها و يتجاهل نقاط ضعفه، أي يركز على مواهبه و لا يكترث لما لا يعرف. كمثال إذا كنت موهوبا في الموسيقى و سيء جدا في الرياضيات فركز على الموسيقى و ابتعد تماما عن الرياضيات و أبدع فيما تجيد. و هو بالضبط ما يقوم به أغلبنا. فإذا كان مثلا لا يجد صعوبة في التعامل مع الجانب الروحي في الحياة فإنه يركز عليه فقط متجاهلا باقي الجوانب تماما.
و هناك مدرسة أو رأي آخر، يقول على الإنسان أن يركز على نقاط ضعفه و يقوم بتقويم نفسه يوميا.
هذا النهج، صعب جدا، لأنه سيجعلك تعيش مجهودا مضاعفا، و لكن هذا النهج في الحقيقة هو الذي سيجعلك تتطور و تنمو لأنه في كل يوم سيخرجك فعليا من منطقة راحتك بدل من أن تهرب من مواجهة المشاكل التي تعانيها و تدفنها، فإن هذا النهج يدعوك لحل المشاكل التي تعاني منها و إصلاح العيوب و المعتقدات التي منعتك من التطور و التقدم في أمر ما.