![]() |
أين الطريق؟ أجابته: أي طريق؟ |
خطوات صغيرة: أين أنا؟ و أين الوجهة؟
متى نقول بأن هذا الطفل تاه على ولديه؟
ببساطة، إذا كان لا يعرف مكان منزله الذي يريد أن يصل إليه و لا يعرف في أي مكان يوجد هو حاليا.
فالإنسان التائه هو الذي لا يعرف أين هو الآن و لا يعرف أين يريد أن يصل. فلو كنت في صحراء قاحلة، فإنك في الغالب لن تعرف أين أنت كما أنك لا تعرف كيف تصل إلى واحة خضراء و لهذا التوهان في الصحراء مميت في أحيان كثيرة.
و لكن توهان النفس و توهان الإنسان في حياته مميتة و قاتلة تماما مثل توهانه في الصحراء القاحلة.
و مشكل الإنسان هو أنه لا يعرف أين هو حاليا؟ فالإنسان محترف في فن الهروب من ذاته و يمتهن الكذب على نفسه.
و لهذا أقسى سؤال يمكن أن يطرحه الإنسان على نفسه هو: أين أنا؟
أين أنا مع علاقتي مع ربي؟ و أين أنا في حياتي المهنية؟ و أين أنا في علاقتي مع أسرتي و مع الناس من حولي؟ و أين أنا في جانبي الصحي؟ و أين أنا ماديا؟
إنه سؤال صعب، معظمنا لا يجد الشجاعة في الإجابة عليه. و هذا هو العائق الحقيقي في تطور الإنسان و تقدمه في حياته.
فمعظمنا سيبالغ أين هو حقيقة، و سيعطي لنفسه صورة غير حقيقية. و إذا نظرنا إلى عالم أنستاغرام و واقع الحياة سنجد فارقا كبيرا بين انستاغرام و الواقع.
فالإنسان، إذا لم يملك الشجاعة للإجابة على هذا السؤال الملح، فإنه يحاول أن يعطي لنفسه صورة غير حقيقية، محاولا أن يظهر بأنه شخصية ناجحة و سعيدة. و هو في الحقيقة يحاول أن يتهرب من الإجابة على سؤال "أين أنا؟"، و يأمل أن يجيبه الآخرون آملا في سيل من تعاليق المدح و المجاملات و القلوب الحمراء.
و لكن في الحقيقة، الإنسان هو الرقيب و الحسيب على نفسه. فالآخرون سواء قاموا بتقييمك إيجابا أو سلبا فإن تقييمهم يبقى ناقصا. و أنت وحدك القادر على أن يجيب على سؤال " أين أنا؟".
كما أن الإجابة على هذا السؤال من المهم أن تكون موضوعية و صريحة و صادقة. و مهما كانت الإجابة، فهي فقط خطوة أولى نحو التقدم و المضي قدما. أي هذا السؤال ليس هنا ليحطم روح معنوياتنا أو ليجعلنا نشعر باليأس أو الخجل. أبدا فأينما كنت لا يهم المهم أن تعرف أين أنت.
و تماما كما عندما تريد أن تذهب إلى وجهة ما فأنت تصل إلى تلك الوجهة شريطة أن تعرف في أي محطة ستأخذ وسيلة المواصلات و نوع المواصلات القادر على تكلفتها سواء حافلة أو قطار أو طائرة أو دراجة.
و هكذا، بعد أن يعرف الإنسان حقيقة أين هو، عليه أن يسأل نفسه بعد ذلك أين يريد أن يصل؟ و متى يريد أن يصل؟
و بهذه الطريقة يكون قد رسم الطريق، و ما عليه إلا أن يمشي فيه بتركيز.