recent
جديد المدونة

المشاعر براز الروح

 المشاعر براز الروح

عندما نأكل أكلة دسمة، لا نجد حرجا في الذهاب إلى  المرحاض لقضاء حاجتنا. كما أننا لا نحاول أن نتفلسف عما تعنيه تلك الفضلات و لا كيف لونها أو شكلها أو حجمها اليوم، بل أغلبنا لا ينظر حتى ليعرف ماذا خلف وراءه؟

كما أننا إذا أصبنا بالقبض، فإننا نتحمل الألم، و نقوم بمجهود لنخرج الفضلات رغم الألم الذي نشعر به و بدون أن نحاول أن نتفلسف مرة أخرى. فنحن نفهم بأن الجسم خزن الفضلات لمدة أكبر من المعتاد فنتج عن ذلك مضاعفات.

يحدث هذا في تعاملنا مع الجسد، فبالنسبة إلينا عادي أن يخرج الجسد إفرازات من عرق و فضلات أخرى.

و لكننا لا نتقبل أبدا بأنه تماما كما جسمنا عندما يستهلك الكثير من السوائل و المأكولات فهو يقوم بإخراج ما لم يعد بحاجة إليه على شكل فضلات، فكذلك روحنا عندما تستهلك يوميا الكثير من المواقف و التجارب و  الخبرات فإنها تحتاج إلى أن تتخلص من الفائض منه أو أن تقوم بتحويله على شكل مشاعر. فالمشاعر بهذا المعنى ليست أكثر من براز تتخلص منه الروح. 

و لكن، و لأن الإنسان هو كائن يبحث دائما عن معنى، فإنه يجد صعوبة في التعامل مع مشاعره لأنه يحاول دائما أن يجد لها معنى.

فأسس لوحة أو معجم من العواطف، و مع ذلك فهو ليس حصري لأنه توجد الملايين من المشاعر تماما كما توجد الملايين من الفضلات. فهل يوجد براز يشبه الآخر من حيث اللون و الحجم و الشكل؟ فكل منا يخرج برازا معينا في ظروف معينة و أبدا لا يشبه براز اليوم براز الأمس بأدق التفاصيل حتى لو أكلنا الأشياء ذاتها.

كيف و لماذا فكرت في هذه الأشياء بهذه الطريقة التي قد تبدو غريبة بعض الشيء؟ لأنني كنت أخاف من مشاعري و أكتمها و لا أجيد التعامل معها.و للأسف كانت تستحوذ علي طوال الأيام و تستنزف طاقتي بأكملها و ظللت أعاني لسنوات عدة غير قادرة على الاستمتاع حقا بالحياة مع أنه كانت معظم ظروفي جيدة.

و في يوم، عثرت على كتاب يتحدث على المشاعر، و فهمت بأن لي الكثير من المشاعر المكبوتة. فبدأت أحاول أن أفهم مشاعري و أراقبها و أتعامل معها. و لكنني كنت أتألم كثيرا و أنا أحاول مع مشاعري و لهذا كنت أهرب إلى الهاتف المحمول أو قراءة الكتب أو مشاهدة الأفلام أو السفر أو أي شيء آخر.

و في يوم، أذكر بأني أصبت بالقبض، لأني لم أذهب إلى المرحاض منذ فترة أطول من المعتاد، و عندما حاولت إخراج ما بداخلي شعرت بألم كبير، و لكني واصلت العملية لأني كنت أدرك و ببساطة مثلي مثل كل الناس بأنه ليس من الحكمة أن أتوقف بدافع الألم. ثم ارتحت بعدها.

و هنا وجدت عقلي يقارن بين ما يحصل في جسدي مع ما يمكن أن يحصل في روحي. و بدا لي الأمر متشابها بطريقة ما. 

فلنتخيل إنسانا يريد أن يذهب إلى المرحاض و لكن الظروف تمنعه، فإنه سيظل طيلة الوقت يفكر في أنه يريد أن يذهب إلى المرحاض و لن يقدر على عمل أي شيء أو الاستمتاع به إلى أن يقضي حاجته. و كذلك الروح فهي عندما تكون لديها رغبة في إفراغ شحنة من المشاعر و لكنك تمنعها فمن الطبيعي أن يصيبها نوع من الإمساك الروحي، و من الطبيعي أن تتعذب كثيرا إذا أرادت إفراغ ذلك الأمر و من الطبيعي أنها ستمنعك من عمل أي شيء آخر باستثناء التفكير في المشاعر ثم المشاعر و لا شيء غير المشاعر.

و لنتخيل سيدة حامل، جاءها المخاض، و لكنها لم تستطع أن تتحمل الألم، لنتخيل مثلا لو قررت أن تترك الجنين في بطنها لأنها لا تقوى على تحمل ألم إخراجه. هل ستكون فعلا بهذه الطريقة تخلصت من الألم أم فقط الألم سيستمر إلى ما لانهاية؟

منذ أن استوعبت هذه الفكرة، و أخذت في تطبيقها، حياتي الداخلية تغيرت بالكامل. و المشاعر لم تعد تخيفني أو تقلقني أو تشكل لي أدنى عائق.

و عندما أشعر بمشاعر كثيرة متدفقة أو بغصة أو بحنق أو بألم في صدري، فإني أداعب نفسي و أقول: " حسن، يبدو أن روحك بها إسهال، أو قبض، أو إمساك، أو تريد أن تقوم بعملية إفراغ و أن تتخلص من فضلات اليوم..."

فأتصرف بنفس الطريقة كما أتصرف في المرحاض، أي أترك المشاعرتخرج مهما كان الألم الذي سيترتب على هذه العملية. أتركها تخرج بدون أن أحاول أن أصنفها أو أن أبحث لها عن معنى أو أن أسرع في العملية، فقط أركز عليها و أراقبها و أجلس معها إلى أن تمضي كأنها لم تكن قط. 



المشاعر برازالروح

اترك مشاعرك تخرج من روحك تماما كما تترك فضلات الطعام تخرج من جسدك



google-playkhamsatmostaqltradent