الأحداث أم المشاعر
في يومنا نتعرض إلى الكثير من المواقف و الأحداث. ولكن نظل عالقين في المشاعر التي التقطناها في تلك التجارب أكثر من الأحداث نفسها.
فقد تنسى الحدث أو قد تعجز على التعبير عنه، و لكن الشعور سيظل عالقا لفترة طويلة من الزمن و قد يدوم عمرا.
فقد ينتابك شعور بالقهر بالظلم بالعجز، و لكن لن تجد الكلمات لتعبر عما حصل بالضبط ليجعلك تشعر بهذا الشعور.
و في أحيان كثيرة، ستكون عاجزا حتى عن أن تعطي للطاقة التي تنبعث من داخلك اسما أو تصنيفا.
فالأحداث تمر كقطار. فبينما أنت راكب فوق قطار سترى تارة الأشجار و تارة البنايات و تارة الأرض القاحلة. و كذاك الأحداث في قطار الحياة.
أما المشاعر فهي تمر من داخلنا و من خلالنا. ففي يوم واحد قد ننتقل من الهدوء إلى القلق إلى الخوف إلى الألم إلى الأمل إلى العجز و إلى ما لانهاية من المشاعر التي نعرفها و التي لا نعرفها.
فلو افترضنا أن الأكل هو الاحداث أو هو ما يقع فإن المشاعر هي الطعم أو ذوقنا لتلك الأحداث.
فالحياة بدون مشاعر هي تماما كأكلة بلا طعم. فهل يمكن للإنسان أن يأكل شيئا لا طعم له المرة؟ لا طعم البتة؟
لا أعتقد ذلك، فالإنسان حتى لو فكر في أكل الحجر سيجد له طعما. و حتى عندما فقد حاسة الذوق في كورونا فإنه بطريقة ما كان يتخيل مذاق ما يأكله انطلاقا من ذاكرته.
و الحقيقة، لو أصبحت تراقب و تركز على مشاعرك، فإنك كل يوم ستكتشف بأنها لغز غامض. فالإنسان لن يستطيع أن يعيش بدون مشاعر. فهو طيلة الوقت في شحن للمشاعر و في إفراغ لها.
و رغم أن المشاعر السلبية من قهر و ظلم و حزن و غضب تجعلنا نتألم كثيرا. إلا أنها توازن لنا الحياة و تجعلنا نكتشف نقيضها عندما تمر بنا.
فالحياة بشعور واحد مهما كان إيجابيا سيصيبنا بالملل مع الوقت، تماما في الطعام، فلو أكلت مذاقا و حيدا طيلة أشهر ستمل منه و لن تستطيع أن تضعه في فمك و سيتحول حبك لذاك الصنف من الطعام إلى كراهية.
فمهما كانت المشاعر قاسية استمتع معها و اكثشفها و ركز عليعا كمغامرة جديدة أو كمذاق جديد و هي حتما ستمر. فاستمتع بمشاعرك و قدم لها الوقت الكافي لتمر.
فالحدث مهما كان مثيرا في نظر البعض إذا لم تصحبه مشاعر فإنه سيبدو لا شيئ على الإطلاق.
![]() |
كل يوم ندور مع عجلة المشاعر و قليل جدا من يستطيع أن يركبها دون أن تسحقه |