recent
جديد المدونة

لماذا نعجز عن التسامح؟

لماذا نعجز عن التسامح

تشع طاقة من كل نفس إما تبعث فيك تجاذب أو نفور



لماذا نعجز عن التسامح؟

كثيرة هي المواضيع التي تتحدث عن التسامح. و كثيرة هي المواعظ و الحكم التي تدعو إلى التسامح. و لكن مع ذلك نعجز عن التسامح. أو لنقل في لحظات و مواقف ما، لا نعرف كيف نسامح. 

يعرف  الإنسان بأن  عليه أن يسامح من أجل نفسه، مقتنع بأهميه و فضيلة التسامح و مع ذلك يعجز عن فعله.

و في هذا يشبه من يعرف أهمية الرياضة و فوائدها على صحة جسمه و مع ذلك يعجز على أن يلتزم بالمداومة على الرياضة.

فمعرفة ما ينفعنا في معظم الأحيان لا يكفي، ففي أحيان كثيرة نعرف ما يجب علينا فعله و مع ذلك نعجز على فعله.

لأن فعل التسامح في أحيان كثيرة يكون مرا كالعلقم و قاسيا علينا كالحجر. لأنه في فعل التسامح يبدو لنا كأن ذلك الشخص الذي آذانا عليه أن يأخذ جزاءه، و كأنه إذا سامحناه سوف لن يأخذ جزاءه، أو إذا سامحناه سيبدو لنا كأنه ليس خاطئا أو ظالما.

فرغبتنا في أن نراه يعاقب على ما ألحق من ظلم علينا، و رغبتنا أو يقيننا المطلق بأنه ظالم و على خطأ يؤجج المشاعر بداخلنا و يوقدها فنرفض أن نتسامح.

كيف أتخلى عن شعور الظلم؟ كيف أتركه يرحل بسلام؟ كيف أتخلى عن رغبتي بإظهار ذلك الشخص ظالما و مخطئا؟

الإنسان قد يكون أخطأ معك في موقف، أو اثنين أو حتى عشرة أو مائة، و لكن لا يوجد شخص واحد على الأرض سيخطئ معنا على طول الخط. ستكون أفعاله كاملة أخطاء في أخطاء. فالساعة حتى لو كانت معطلة فإنها تصيب التوقيت مرتين في اليوم على الأقل. أي أنها تقوم على الأقل بفعلين صحيحين في اليوم. و ماذا عنا نحن البشر؟

فلا بد أن يكون لكل شخص بضع من الخصال الحميدة، و لهذا التخلي عن رغبتك في أن تراه ظالما و خاطئا على طول اليوم، هو في الحقيقة نوع من العدل اتجاهه. لأن التحامل عليه طيلة اليوم هو ظلم له أيضا. و هكذا يصبح الظالم و المظلوم في خانة واحدة.

فالتخلي عن مشاعر الظلم و السماح لهذا الشعور بالرحيل، و محاولة رؤية الشخص كما هو حقا و ليس على ضوء مواقف وقعت منذ أشهر هو عين العقل.

فالإنسان يمكن أن يحترس، أن يكون فطنا، أن يحاول ألا يترك أحدا يخدعه أو يتلاعب به و بمشاعره، و لكن في كل هذا عليه أن يحافظ على صفائه الداخلي. 

و لا يمكنه أن يحافظ على صفائه الداخلي إلا إذا لم يكن متحاملا على أحد، و إلا إذا استطاع أن يتسامح مع كل البشر في أعماق أعماقه. و يسلم كل أموره لله سبحانه.

و الصعوبة تكمن هنا، في قدرة الإنسان على أن يسلم نفسه كلية إلى الله وأن يثق فيه ثقة كاملة و بأنه هو الذي يسير كل شيئ و هو الفاعل لكل شيئ و هو الحارس و الحامي لكل المخلوقات كبيرها و صغيرها. و هو الذي يرى الظالم و المظلوم و هو وحده القادر على أن يحكم و يفصل بينهما في الدنيا و الآخرة.

فلماذا نعجز عن التسامح؟ لأننا لا نفوض أمرنا لله، و لكن نريد أن نعالج أمورنا بأنفسنا، بيد أن الإنسان عاجز و لا يعرف إلا قليل القليل و نفسه أمارة بالسوء. فكيف يمكنه أن يصل إلى القول و الرأي و الحكم السديد إذا لم يسلم نفسه كلية لله سبحانه؟



google-playkhamsatmostaqltradent