![]() |
كل لحظة هي اختيار لما يمكن أن تقدمه لنفسك و للآخرين |
ماذا قدمت اليوم؟
كل يوم هو هبة من الله سبحانه و تعالى. يحتمل الكثير من المتعة و النشاط و العمل الصالح كما يحتمل الكثير من الكسل و الكآبة و العمل الطالح.
إنه يومك، و أنت حر فيه. تماما كما أنت حر في أموالك و في مشاعرك.
و لكن كم يمضي اليوم حزينا، عندما يرى الإنسان أنه لم يقدم شيئا فيه، و لم يستطع حتى أن يستريح فيه أو يستمع فيه لذاته و يتواصل مع روحه . و لكنه أمضاه في قلق و هو يفكر في الماضي و الحاضر، و في سأفعل كذا و كذا ثم لا يفعل شيئا على الإطلاق.
ذاك هو أسوأ يوم يمكن أن يمر به الإنسان. فهو لم يقم بواجباته و أيضا لم يسلي نفسه و يستريح من عناء التعب.
بل يظل يتأرجح بين الإثنين، يحركه تأنيب الضمير كأنه لا يستحق المتعة، و يحاول أن يفرض على نفسه برنامج عمل صارم و هو لا يملك الطاقة لذلك، فينتهي يومه بعدم عمل أي شيء: لا استراح و لا أنجز.
بينما كل يوم، هو يوم عظيم و جميل، لأنه يمكن أن يكتشف فيه الإنسان أشياء جديدة، و يمكن أن ينجز أعمالا مفيدة له و للآخرين، و يمكن أن يتعلم أشياء جديدة، و يمكن أن يتعرف على أشخاص آخرين، و يمكن أن يستمتع و يتسلى، و يمكن أن يطبخ وصفة لذيذة و يشاركها مع عائلته و أصدقائه...
في كل شمس تشرق، ينفتح يومنا على عشرات بل مئات الاحتمالات. و لكن للأسف، تجدنا نتصرف بآلية، فنعيد نسخ ما وقع البارحة. و هكذا قد يبدو يومنا نسخة لما عشناه منذ سنة أو أكثر.
و لكن، من كان مولعا بتأمل شروق الشمس و رؤية السماء، فإنه سيعرف بأن السماء تتغير باستمرار، و شروق اليوم أبدا لا يشبه شروق الأمس.
فإذا كانت السماء تتجدد كل يوم، و الشمس تظهر نفسها كل يوم بطريقة مختلفة و هي تتناغم مع السحب و حالة الطقس، فلماذا الإنسان وحده لا يفكر في اليوم كيوم جديد جميل فريد و مميز.
لماذا الإنسان وحده لا ينظر إلى يومه كفرصة للحياة و العطاء و الاستمتاع و التعلم و المشاركة.
لماذا ينظر إلى يومه فقط كامتداد للأمس؟ و هو حتى لم يستشعر ذلك الأمس، بل تركه يمضي كاليوم الذي قبله.
أن تسأل نفسك " ماذا قدمت اليوم؟"، ستجعلك أكثر حضورا و أكثر استشعارا بهبة هذا اليوم و ستجعلك تتقدم بخطوات صغيرة نحو الحياة التي تريدها و التي أنت بالفعل تمتلكها و لكنك غائب و مغيب عنها لأنك مستغرق في التفكير الزائد بين الماضي و المستقبل .