الدراهم جنودك في معركة الحياة
الأسئلة عن المال محرجة. و معظم الثقافات تعتبر من سوء الأخلاق التحدث عن المال أو السؤال عن راتب الأشخاص أو ما يملكون.
فمواضيع المال تكاد تكون من الطابوهات الغير المعلنة، و لكنها متوارثة في ثقافتنا الإنسانية. و لهذا قليلا من سيتعامل مع المال بطرق سليمة و صحية.
ففي الغالب ستجد من يسرف في هدر المال و كأن همه الوحيد هو التخلص منه و كأن ذاك المال ليس ملكا له أو هو ابن عاق يتبرى منه فيطرده من جيبه و منزله. و في المقابل ستجد من يخاف من الإنفاق و يميل إلى الشح فتجده حريصا على المال لا ينفقه و إنما فقط يكنزه.
و لكننا ننسى أو نتناسى بأن الإنسان عند موته سيسأله الله عن ماله أين أنفقه. إذن فموضوع المال جدي و لا يمكن التعامل معه بالتجاهل أو النكران.
فالله سبحانه و تعالى جعلنا مسؤولين عن فن إدارتنا للمال و مسؤولين على كيفية إنفاقه و فيما أنفقناه.
و أتذكر أني كنت قرأت في شبابي كتابا مترجما أعتقد بأن اسمه كان " المستثمر الصغير"، و ما زلت لحد الآن أتذكر فكرة في الكتاب استعارت انتباهي و جعلتني أغير نظرتي عن المال أنذاك، حيث شبه الكاتب الدولار بجندي في ساحة المعركة، و بأنه على المرء أن يعتني تماما بجنوده كل يوم.
نعم، فالقائد الجيد، لا يدفع جنوده إلى معركة خاسرة، و لا يقحمهم في معارك لا تخصه، و يظل طيلة الوقت يدربهم و يدعمهم حتى إذا وجد نفسه في معركة فاصلة كان مستعدا لخوضها بثقة.
و هكذا دراهمنا، فهي جنودنا في الحياة. علينا أن نتريث لنعرف أين نضعها، فقد نخسرها في مشروع فاشل غير مدروس. و قد ننفق أموالنا بلامبالاة منا فندعم بها مشاريع غيرنا بدل تحقيق أحلامنا و أهدافنا نحن. فعندما نستهلك الكثير من الملابس أو الأدوات الإلكترونية أو أي شيء لا نحتاجه حقا فمن الأكيد بأننا نتصرف كمن يضحي بجنوده ليموتوا هباء في معارك لا طائل منها.
إذن، قبل أن تحرك يدك إلى جيبك، اسأل نفسك دائما: هل أتعامل مع جنودي جيدا؟
![]() |
كل سنت هو جندي علينا أن نحسن التعامل معه بمسؤولية |