سواء اخترت أو اخترت ألا تختار فلقد اخترت |
قوة الإختيار
سواء اعتبرنا الحياة مجموعة من الخطوات الصغيرة التي توصلنا إلى ما نحن عليه حاليا، أم اعتبرناها مجموعة من الخيارات المتتالية التي تبدأ منذ الإستيقاظ إلى الخلود إلى النوم لتنتهي في النومة الكبرى عند الممات، فإن الأمرين متشابهين إلى حد ما. فالخطوات الصغيرة التي نقدم عليها قد تكون واعية و مخطط لها و في هذه الحالة سنكون نحن من يسير في طريق أهدافنا أو ما نريد من الحياة، و قد تكون خطوات صغيرة غير واعية و في هذه الحالة بدون قصد منا نمشي ببضع خطوات نحو طريق الشيطان و الضلال بدون أن نعي حقا بما نفعله.
و في كل ثانية، في كل لحظة من حياتنا هناك خيار نقوم به، و بالتالي نتخلى عن جميع الخيارات الأخرى. و لكن في أغلب الأوقات، لا نكون واعين تماما بعدد الخيارات اليومية التي نقوم بها.
فهناك دراسة تقول بأنه يمر في عقل الإنسان أكثر من ثمانين ألف فكرة يومية، و قد تكون عدد الأفكار التي تمر علينا هي بعدد الخيارات الممكنة في كل لحظة.
و لكن بطريقة ما، لم نعد ندرك بعدد الخيارات المتاحة في كل لحظة. و هكذا ستجد أحدهم يسألك هل تريد قهوة أم شاي؟ و كأنه لا يوجد مشروب آخر غيرهما. و هو بهذا حد من اختيارك.
بل في سلوكنا، حتى و نحن نعرف بأنه توجد مشروبات أخرى، فأغلبنا سيطلب القهوة أم الشاي.
فمسألة الخيار هذه، هي من أعظم النعم الربانية التي وهبها الله لنا. لأنها تعني يمكن في كل يوم أن تعيش قصة جديدة مختلفة كليا. و ألا تعيد التغريدة نفسها لو أردت ذلك.
و لكن هذا الأمر يتطلب منا حضورا قويا، و وعيا لحظيا بكل قراراتنا. كما يتطلب منا أن نتحمل المسؤولية كاملة، و ألا نتصرف كآلات منهكة و مبرمجة.
لأن قوة الاختيار تعني الخروج في كل لحظة من منطقة راحتنا و من عادتنا، لاختيار أشياء جديدة و ملائمة للحظة التي نعيش فيها.
إنه تمرين مرهق و مجهد، لأنه يتطلب منا أن نغوص في المجهول و في الإحتمالات الممكنة، و أن نغوص في ذواتنا كل يوم حتى نستطيع أن نعرف ما يناسبنا حقا اليوم، لكيلا نبني الغد فقط على ما حصل بالأمس.