recent
جديد المدونة

رياضة الأنفس: الصبر

 رياضة الأنفس: الصبر

  الله سبحانه أثنى كثيرا على صفة الصبر، و نصح في كتابه الحكيم بالتحلي بها باستمرار. 

و الصبر هو الذي يجعل الإنسان قادرا على أن يتجاوز منطقة راحته و يتوسع في أعماقه.

فمعظم الناس تجدهم تعودوا على حياة معينة و على نماذج حياتية معينة فلا يقدرون على تجاوزها حتى لو كانت تؤذيهم. 

و السبب هو أنه لتجاوز أي عتبة، نحتاج إلى الصبر. لأنه لتجاوز منطقة راحتنا الاعتيادية نحتاج إلى طاقة أكبر من الطاقة التي نمتلكها في اللحظة الراهنة. و للحصول على تلك الطاقة نحتاج إلى الصبر. فالصبر هو الذي يمكننا من تحمل ألم النمو. 

و الإنسان يحتاج إلى النمو، فهو كما ينمو جسديا فإنه ينمو روحيا و نفسيا و فكريا. و لا يمكنه أن ينمو إلا عبر الألم أو عبر الصبر. فالصبر يجعل الإنسان ينمو بدون ألم أو بتقبل الألم و بتقبل الأحداث و المعاناة و الكفاح كجزء من الحياة نفسها.

و لهذا من تعلم خصلة الصبر فإنه فائز، و في نفس الوقت لا يوجد حل في الحياة إلا عن طريق الصبر. قال سبحانه في سورة العصر " باسم الله الرحمان الرحيم. و العصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر".

فالإنسان عبر كل زمان و عصر، و مهما حاول أن يحسبها أو يخطط لها من أجل الخلاص، فإن حساباته ستكون خاطئة، و سيخسر رهان الخلاص و السعادة و النجاة و الفوز. فطريق النجاح و الخلاص للإنسان في هذه الأرض كما حدده الله سبحانه يكمن في الإيمان و عمل الخيرات و التواصي بالصبر على طاعة الله و بالصبر على معاصيه.

و الإنسان يحتاج أن يتدرب يوميا على الصبر، و الصبر في حقيقته ليس أن أكتم غضبي أو أن أتحمل الألم بداخلي، الصبر الحقيقي هو التخلي عن الغضب و التخلي عن الألم الداخلي و التوكل و التسليم المطلق لله سبحانه في كل ما يحصل.

و لهذا أغلبنا لا يقدر على الصبر، لأن معظمنا يقوم بتحليل المواقف و الأشياء انطلاقا من أناه، من عقله و من نفسه، لا أحد يسلم نفسه كليا إلى الله، تلك منزلة تحتاج منا إلى جهاد نفسي كبير قلما نقدر عليه. و لكن المفارقة هو أنه لا خلاص في هذه الحياة إلا بها.

لهذا سبحانه في كتابه يؤكد بأن الله مع الصابرين و بأن الصابرون هم الفائزون. نعم هم فعلا فائزون و لكن الإنسان يحتاج إلى أن يدرب نفسه للوصول إلى تلك المنزلة.

قد يتسائل من يقرأ هذا المقال، كيف يمكنني أن أصل إلى هذه المنزلة؟ الحقيقة لا أحد يصل، فالصبر مراتب و لا توجد الدرجة النهائية، فهو تدريب مستمر، فصبر الأنبياء أنفسهم درجات فصبر النبي أيوب ليس هو صبر النبي يونس. و لكن الإنسان عليه أن يبدأ في المشي في طريق الصبر، و كلما خطا خطوة فهو خير و بركة. المهم ألا يخرج عن طريق الصبر و يذهب إلى طريق الجزع و التطير و القلق.

و يمكن للإنسان أن يصعد في منزلة الصبر عبر المراقبة المستمرة لأفكاره و لمشاعره و لسلوكه. فإذا وجد مثلا أن هناك غضب يجتاحه فهو ابتعد عن الصبر، و إذا وجد أن أفكاره بها جزع و تشاؤم فهو ابتعد عن الصبر، و إذا وجد سلوكه يطبعه الاندفاع و العجلة فهو ابتعد عن الصبر.

و المراقبة تسمح لنا أن نكون واعين بمن نحن حقا. و عندها يمكن للإنسان أن يستغفر ربه عن جزعه و عن سوء ظنه به و يمكنه بعدها أن يتضرع إلى ربه بالدعاء و له النية الصادقة بأن يتمسك بطريق الصبر حتى لو وجد مشقة في البداية.

فعقلنا هو حليفنا إذا أظهرنا له العزم و الإصرار على فعل شيء ما أو على التخلي عن صفة ما و التحلي بأخرى.








رياضة الأنفس
رياضة النفس تمكنك من تجاوز منطقة راحتك باستمرار


google-playkhamsatmostaqltradent