قوة الصمت

 فوائد التدوين اليومي

التدوين اليومي هو تحدي جميل لو خضته ستكتشف بتجربتك الخاصة فوائده المتعددة. فالكتابة هي دواء سحري لكل ما يعتري حياتنا من مد و جزر.

و لكنه فعل يتطلب الجرأة و الصدق، ففي أحيان كثيرة يكون الإنسان عاجزا على أن يكتب بالضبط ما فكر أو ما شعر به، حتى لو كان يدرك بأنه سيحرق ما كتب بعد ذلك و لن يقرؤه أحد غيره.

و لهذا التدوين اليومي، يحتاج منك إلى الشجاعة و لهذا تجد أغلب الناس لا يقدرون عليه. ليس بسبب الوقت في حقيقة الأمر، أو لأنك لا تجيد الكتابة. أبدا السبب أعمق: لأن الكتابة تحرك الأشياء الراكدة الموجودة بداخلك، من ألم و أسئلة عالقة و طاقات مخزنة...

فقد يصيبك الذهول إذا بدأت بالتدوين، في أنك ستجد نفسك تتصبب عرقا، و كأنك قمت بتمارين رياضية في صالة الرياضة. و لكن عليك أن تواصل الكتابة رغم ذلك.

فالإفراغ عن طريق الكتابة، هي من أهم الأدوات التي يمكن للإنسان أن يستخدمها لتجاوز صدماته النفسية، و لتجاوز مصاعبه في الحياة و لتجاوز نفسه أيضا. 

كما أن الكتابة ستجعلك تتعرف على نفسك أكثر من نقاط قوتها و من نقاط ضعفها، و مع الوقت ستصبح قادرا على مواجهة نفسك و بالتالي التصالح معها.

فرواية " الخبز الحافي" للروائي المغربي محمد شكري خير مثال على ذلك. إذ حررته الرواية من ماضيه و جعلته يتصالح معه و يتقبله بحلوه و مره، رغم أنها لاقت انتقادات عديدة في الأوساط الأدبية و في المجتمع. و لكن الروائي محمد شكري تحلى بشجاعة كبيرة جدا أثناء كتابتها، و تلك الشجاعة هي بالضبط ما يفتقده معظمنا و ليس الأسلوب.

كما أن التدوين اليومي، سيجعلنا نراقب أنفسنا و سلوكنا أكثر، و الأهم من ذلك سيوقظ حواسنا أكثر و سيطورها.

ففي التدوين اليومي، سنتعلم كيف نهتم و نستمتع بالتفاصيل، فلقطة عابرة قد تراها ستتحول إلى مقال أو قصة أو خاطرة لمن اعتاد على التدوين اليومي.

فالإنسان إذا تدرب على الرسم و التلوين، سيرى الأشياء بطريقة مختلفة، حيث سيتعلم كيف يرى الأشخاص و الأشياء على شكل خطوط و أشكال و سيرى الألوان كمزيج من الألوان الأساسية، سيصبح بصره أكثر ذكاء و حدة من الأشخاص العاديين.

و الإنسان إذا تدرب على الموسيقى، سيستمتع أكثر بتحليل الأصوات التي تمر في يومه.

فالإنسان كلما درب حواسه أكثر كلما اكتشف أبعاد أكبر في أشياء تمر بنا يوميا و لا نعيرها أدنى اهتمام.

و التدوين اليومي، سيدرب كل حواسك مجتمعة، و هكذا ستتعلم كيف تنظر إلى الحياة بأدق تفاصيلها.

فالكتابة لا تحتاج إلى أسلوب جميل فقط، و لكن هي القدرة على أن تلتقط ما يدور من حولك و تعيد صياغته بنكهات مختلفة.

و لهذا التدوين اليومي من أهم التحديات التي يمكن أن تبدؤها في حياتك حتى لو كنت لا تجيد مبادئ الكتابة، فمع التدوين اليومي ستصبح أكثر اهتماما بما تمنحه الحياة من تفاصيل و أكثر وعيا بما تحمله من ثراء. 

لماذا نكتب؟ أجابته: لنشعر بأننا أحياء