![]() |
جسدك صديق روحك |
كثيرا ما نقسو على أجسادنا، و ننسى أو نتناسى بأنها صديقة لأرواحنا و مدعمة لها في كل خياراتها. ننسى بأنها تعمل بكفاءة معجزة، و لديها وظائف متعددة و تقوم بمعظمها بدون تذمر أو شكوى.
نرى في أجسادنا الظاهر فقط، أي الجلد و الشكل، و لكننا لا نرى المعمل الدقيق الذي يختفي وراءها.
و لهذا تجدنا للأسف نقيم أجسادنا فقط من حيث الشكل، و الحجم و صفاء البشرة. و هكذا إذا كانت لنا بضع كيلوغرامات إضافية، أو شكل الأرداف أو البطن أو الأنف ليس كما نريد، أو بعض الحبوب و البقع في بشرتنا، فإننا بدون وعي نبدأ نقسو على هذا الجسم الذي يفعل الكثير و الكثير من أجلنا. و قد ننتهي بأن نكره أن نرى أجسادنا في المرآة.
و في الحقيقة، هذا جحود كبير اتجاه أجسادنا. هو جحود يشبه أيضا الجحود لأزواجنا و زوجاتنا و أصدقائنا، الذين نتنكر لهم فقط لأن عيبا فيه لم نستسغه. فنغمض أعيننا على كل حسناتهم لنر فقط عيوبهم.
فتماما كما ينصحنا مدربي التنمية البشرية بأن نركز على إيجابيات الأشخاص بدل التركيز على عيوبهم، و بأن نتغافل و نتجاهل عيوبهم حتى نعيش في ود معهم، فهذه النصيحة علينا أن نطبقها على جسدنا أيضا.
حيث الشخص الذي يعتقد بأنه يملك أسوأ جسد في العالم، لو قام بعد كل إيجابياته و خصائصه و ما يقدمه لأجله، فإنه سينتهي بالامتنان له و حبه.
فبدل أن نقسو على أجسادنا، الأولى بنا أن نحترمها و نحبها و نقدرها و نعتني بها. فإذا كنت تعاني من بضع كيلوغرامات إيضافية، لا بأس يمكن أن تبدأ في نظام صحي لتحصل على جسم رشيق، و لكن بدون أن تغرق نفسك في مشاعر التأنيب و الدونية و عدم التقبل. فجسدك كما هو جيد جدا، و لكن يمكنك أن تطوره و تعتني به بكل حب أكثر و أكثر.
و هناك دراسات عديدة، ترجع أسباب فشل بعض الحميات الغذائية إلى المشاعر السلبية التي تكون لدى الفرد سواء حول جسده أو حول نفسه.
و لهذا، علينا أولا أن نتسامح مع أجسادنا، أن نطلب منها السماح من كل كلمات الغيبة و النميمة التي كنا نقولها في حقها في داخلنا، أو عند رؤيتها في المرآة، أو مع الأصدقاء أو مع العائلة. نعم، فمعظمنا يغتاب جسده طوال الوقت.
أجسادنا كيان حي، فهو يشعر بما نقوله عنه و أيضا كيف نعامله، و لهذا هو الأولى أن نعامله باحترام و حب، أولا لأنه هو الذي يحملنا في تجربتنا الأرضية، و ثانيا لأنه يدعمنا دائما و لن نستطيع أن نعوض أي عضو فيه و نجعله يعمل بالكفاءة نفسها التي يشتغل فيها هو من أجلنا.