recent
جديد المدونة

حاسب نفسك قبل أن تحاسب

حاسب نفسك قبل أن تحاسب

كفى بالإنسان عليه حسيبا و رقيبا


حاسب نفسك قبل أن تحاسب

الإنسان الذي يستطيع أن يرى نفسه كما هي، هو قادر على أن يرى الآخرين كما هم.

و لكن العلم اخترع سكانير يمكن من رؤية كل خلايا جسدك، و لكنه لم يخترع بعد سكانير يمكنك أن ترى نفسك كما هي.

فاللهم اجعلني أرى نفسي كما تراني و اجعلني أرى نفسي من خلالك. 

فالإنسان خلق ضعيفا، و في أحيان كثيرة يغره الشيطان و في أحيان أخرى يغره هوى نفسه، فتحجب عنه رؤية الحقائق كما هي. فيراها بذهن ملوث. و هكذا لا يرى نفسه على حقيقتها، و لا يرى الآخرين أيضا على حقيقتهم. فتتفاقم معاناته و يظل عالقا فيها لا يجيد الخروج منها مهما كان له من المال و البنون و المكانة.

فالإنسان، ليصل إلى السعادة الداخلية، عليه أن يشغل مراقبه الداخلي، فيراقب أفكاره و مشاعره و سلوكه.

و لكن المراقبة وحدها لا تكفي إذا لم تكن له أصلا بوصلة تمكنه من معرفة الطريق الحق و طريق الشيطان. تمكنه أن يعرف متى كان  من أولياء الله و متى كان من أولياء الشيطان و الطاغوت.

فإذا لم يكن قادرا على أن يميز بين تلك الشعرة التي تفصل بين طريق الله و خطوات الشيطان فإنه مهما راقب نفسه، لن يستطيع تقييمها كما يجب.

و الإنسان الصادق مع نفسه، يدرك بأنه مهما سلك دروب العارفين و المتقين فإنه سيقع في الخطا. فعندما كنا صغارا، كان يقال لنا بأن الإنسان سيمر على شعرة رقيقة، فإذا مر بها فقد نجا.

عندما كنت طفلة، ما كنت لأفهم هذا المعنى و هذا التشبيه. و لكن اليوم، بت أعتقد بأن تلك الشعرة الرقيقة هي قدرتنا على التمييز بين الصواب و الخطأ.

و في أحيان كثيرة، تعيش أرواحنا في ضباب، و تجد صعوبة في أن تميز فعلا بين الحق و الباطل.

و لهذا أخبرنا الرسول صلى الله عليه و سلم بأن جهنم سيكون فيها علماء كنا نحترمهم و كرماء و من كنا نراهم بأخلاق حميدة و متفقهين في الدين.

فاختبارنا في الحياة مليء بالفخاخ، و في أحيان كثيرة نعتقد بأننا أدركنا الصواب و لكن نكون على خطأ. و لهذا الرسول صلى الله عليه و سلم كان يسأل الله سبحانه في دعائه أن يريه الحق حقا و يرزقه اتباعه و أن يريه الباطل باطلا و يرزقه اجتنابه.

فلا توفيق إلا من عند الله، و التوفيق هو رزق في حد ذاته. و لكن على الإنسان أن يسعى و أن يسأل الله سبحانه التوفيق. و ألا يمل من مراقبة و محاسبة نفسه، حتى لو كان هذا التمرين من أصعب التمارين في الحياة. و لكن عليه أن يسأل التوفيق من الله. فالإنسان قادر على أن يقرأ كتابه. عليه فقط أن يقف بشجاعة أمام نفسه و يحاسبها و أن يسأل الله سبحانه أن يريه الحق حقا و أن يرزقه اتباعه.



 




google-playkhamsatmostaqltradent