recent
جديد المدونة

الإثنين يوم جميل

 الإثنين يوم جميل

 الأحد، الثامنة مساء...

كانت نجوى تحاول أن تلعب مع طفلتها ذات الخامسة أعوام قبل أن ترسلها إلى السرير مبتسمة راضية عن يومها.

و لكن، دماغها كان مشوشا. غدا الإثنين. من قال إن الإثنين يوم جميل؟

كان دماغها يردد مانترا " أكره يوم الإثنين" بطريقة آلية بدون حتى أن تدري  بينما هي تعتقد بأنها تلعب مع طفلتها بألوان قوس قزح. 

كانت تفكر في أعباء الأسبوع: الملفات التي تنتظرها فوق مكتبها، الوجبات التي عليها أن تحضرها، اللعب مع طفلتها رغم مزاجها السيء و تعبها، واجباتها اتجاه زوجها،... كيف يمكنها أن تجد التوازن بهذا الكم الهائل من المهام؟

فكرت في قصة قصيرة، كانت قرئتها في مدونة "خطوات صغيرة"، بطلتها أضحكتها و جعلتها تتسائل كيف تستطيع أن تجد توازنها و حياتها مليئة بالفوضى؟

كيف تستحمل هي كل هذا؟ لماذا عليها أن توقظ طفلتها و زوجها يوم الإثنين بابتسامة على وجهها و هي تقول لهم " صباح الخير، الإثنين يوم جميل".

كل يوم إثنين، ينتابها شعور بأنها تكذب على نفسها و على أسرتها: الإثنين يوم مرهق، الإثنين يوم حزين.

- أمي، أين تختفي ألوان قوس قزح؟

سؤال صغيرتها، أعادها إلى اللحظة الحاضرة. و كأنها أفاقت. أدركت حينها أن أفكارها سلبية جدا اتجاه يوم الإثنين.

في الحقيقة، نجوى كانت تمضي ليلة الأحد و هي تتقلب في فراشها تتمتم و تتذمر من يوم غد. يوم الإثنين.

و لهذا، عادة ما كانت تستيقظ مرهقة بعد ليلة من الأرق.

حاولت أن تردد مانترا " الإثنين يوم جميل"، و هي تستحضر مشاعر جميلة مرت بها. فكرت في ابنتها و في أول يوم صحبتها إلى الحضانة. كان يوم إثنين. و بدت سعيدة و لا تتذمر كباقي الأطفال. ذهبت كالصاروخ إلى قاعة الألعاب كأنها كانت تعرف المكان من قبل. أضحكتها طفلتها الصغيرة أنذاك و أدخلت البهجة إلى قلبها المرهق.

" الإثنين يوم جميل". نعم. يمكن للإثنين أن يكون يوما جميلا. قررت هذه الليلة أن تبرمج المنبه على الساعة السادسة بدل السابعة. ستستيقظ ساعة قبل موعدها المعتاد. ستهدي لنفسها أول ساعة لكل يوم إثنين. 

أرسلت ابنتها إلى الفراش في الساعة التاسعة، و قررت أن تنام مبكرا بدون أرق. فغدا يوم جميل و تنتظرها هدية جميلة. 

وضعت غطاء العين للنوم بعمق حتى تستشعر الظلام و تستفيد منه، و شغلت موسيقى هادئة لفيفالدي " الفصول الأربع". و ركزت تماما على حواسها و هي تمني نفسها أن تنام الليلة بعمق و بدون أرق. فغدا يوم جديد جميل.

رن المنبه على الساعة السادسة، استيقظت نجوى و هي تشعر بالنشاط. ماذا ستفعل في ساعتها الثمينة؟

فكرت، يعجبها كثيرا عمل حمام بالفقاعات و يعجبها شرب القهوة و قراءة رواية جميلة.

أخذت حماما دافئا، و دللت جسدها بكريمات بروائح زكية. أعدت قهوتها. و قررت أن تتناولها في البلكونة و هي تقرأ لكاتبها المفضل " غيوم ميسو Musso".

استنشقت هواء و هدوء الصباح، و شعرت بسعادة تجتاح جسدها و هي تلتهم كلمات ميسو. 

" لماذا نصادف آلاف الأشخاص... لكننا لا نلتفت إلا لشخص واحد"، ظنت أن الكاتب كان يعنيها بهذه الجملة.

نعم، هي الإخرى صادفت مئات الأشخاص و لكن حياتها تعلقت بزوجها و أسرتها. و هي تقرأ لميسو تكتشف في كل مرة أنها تحب زوجها.

تحبه بطريقتها و لكنها تحبه. فهو كثيرا ما يستفزها و يغضبها بلامبالاته. يبدو لها بأنها تشتغل أكثر منه. فهي لها أعباء المكتب و أعباء المنزل بينما هو يبدو منهمكا في عمله فقط و لا يهتم بأعباء البيت.

و لكن بينهما رباط لا يمكن للمرء أن يفهمه. فهما قد يغضبان كثيرا و لكن يسمحان لكل ما حدث بينهما من خلاف أن يرحل. تشعر بأنهما يتجددان باستمرار و علاقتهما تشبه مياه البحر تتلاطم باستمرار و ليست راكدة مثل بحيرة.

رشفت قهوتها، و فكرت من أين يأتي "ميسو" بقصصه؟ كيف يفكر في كل هذا؟ و كيف يسحرها في كل رواية جديدة له؟ إنه يشبه شلالا متدفقا لا ينضب.

نظرت إلى ساعتها، و جدتها السابعة صباحا. أشعلت موسيقى الروكينرول الصاخبة ، و ذهبت توقظ أسرتها على إيقاع "إالفيس بروسلي" و هي تردد في داخلها " الإثنين يوم جميل".




 

الاثنين يوم جميل

الإثنين يوم جميل



google-playkhamsatmostaqltradent