![]() |
مثل البيضة، كن ممتلئا و مت و أنت فارغ |
الآية 180 من سورة آل عمران استوقفتني و جعلتني أتدبر في معانيها " و لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة و لله ميراث السماوات و الارض و الله بما تعملون خبير".
![]() |
الآية 180 من سورة آل عمران |
فالإنسان الذي يبخل بما آتاه الله من فضله يحسب بأنه خير.
و لكن ما هو الفضل؟ الفضل هو كل ما منحنا الله: العلم فضل، القوة فضل، المال فضل، البنون فضل، الطعام فضل، الحكمة فضل، الأخلاق فضل، الذكاء فضل، الموهبة فضل، الصوت الحسن فضل... كل ما وهبنا الله من قدرات خاصة هي فضل.
و كل منا منحه الله فضلا معينا، هناك من منحه القوة و هناك من منحه العلم و هناك من منحه المال و آخر الحكمة و قد يوجد من منحه فضلين أو أكثر.
و لكن، في العادة. ماذا نفعل؟ نقارن أنفسنا مع الآخرين. فقد يكون الله منحك القوة أكثر من شخص آخر، ثم كنت في مهمة تتطلب القوة، أنت مثلا يمكنك أن تقوم بضعف ما سيقوم به زميلك لأنك الله سبحانه وهبك القوة أكثر منه، و لكن تبخل بقوتك و تفعل بالضبط مقدار المهام التي أنجزها هو.
و قد يكون الله سبحانه وهبك العلم أو المال و لكنك لا تعطي كل علمك أو مالك أو مواهبك بل تعطي بمقدار ما يعطيه الآخرون الذين لم يهبهم الله صفاتك. فأنت تعتقد إذا منحت كل ذرة فيك سيقوم الناس باستغلالك فتبخل على الحياة بالفضل الذي منحه الله لك. فالإنسان في الأصل لا يملك شيئا. و لكن مواهبه و صفاته هي فضل من الله سبحانه عليه و هو الوارث لكل شيء.
فبنهجنا هذا السلوك في أن نبخل و نشح بما يمكن لنا فعله نعتقد بأننا نحسن صنعا و بأننا ندافع على أنفسنا حتى لا يتم استغلالنا من طرف الآخرين أو أننا أذكياء و نجيد فن المراوغة، و لكن الله سبحانه يجيب على هذا السلوك بأنه شر، و بأنه يوم القيامة سنطوق بتلك الأشياء التي بخلنا بها و لم نفعلها. فالإنسان عليه أن يموت و هو فارغ تماما. فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا لو قامت الساعة و في يد أحدنا فسيلة أن يغرسها.
إذن مت فارغا. لا تترك بذرة في يدك إلا و قد غرستها، لا تترك مشروعا إلا و قد أنجزته، لا تترك كتابا إلا و ألفته، لا تترك علما إلا و نفعت به الآخرين، لا تترك عملا صالحا إلا و قمت به، لا تترك أبناء إلا و قد أحسنت تربيتهم، لا تترك زوجة إلا و قد أحسنت إليها، لا تترك والدين إلا و قد بررت بهما...
لا تترك مهمة إلا و قد أنجزتها.