recent
جديد المدونة

طرق لتجاوز اليأس

 طرق لتجاوز اليأس

عند كل تحدي جديد، أكثر ما يكون على الإنسان تجاوزه و تخطيه هو مشاعره نفسها التي يمكن أن توقفه و تعرقله على إتمام مشروعه و النجاح فيه.

توجد الكثير من المشاعر الداخلية القادرة على عرقلتنا أثناء بداية كل مشروع جديد. يمكن أن نذكر منها مشاعر الغرور و مشاعر الجشع و الطمع و مشاعر اليأس و مشاعر الإحباط و القنوط.

و في هذا المقال، أريد أن أتحدث عن مشاعر اليأس و الإحباط و كيف يمكن للإنسان أن يتخطاها ليستمر في مشروعه.

إن اليأس و القنوط هو شعور داخي. و إذا فكرنا في ما يحصل لنا في الحياة، لأدركنا بأنه ما علينا تخطيه و تجاوزه ليس الظروف و لا الأحداث و لا الأشخاص و لكن بالأساس مشاعرنا.

فلماذا نشعر باليأس؟ لأننا نميل إلى التعلق. التعلق بآراء الآخرين عما نقوم به، التعلق بالنجاح المادي، التعلق بالنتيجة.

فالشعور باليأس في الغالب هو ناتج عن نقص أو خواء في أنفسنا علينا أن نركز عليه لنتشافى منه.

فنحن نشعر باليأس عندما تكون بوصلتنا موجهة نحو الأنا و النفس بدل أن تكون موجهة نحو الروح و الله سبحانه.

فالطفل الصغير قلما يشعر باليأس لأنه يقوم بالعمل من أجل العمل و لذات العمل فهو يستمتع بكينونة العمل ذاته و لا ينتظر شيئا منه.

أما نحن، ففي الغالب، عندما نطلق تحدي ما، فإن الهدف المنشود لا يكون في التحدي نفسه و لكن في نتيجة التحدي. بمعنى أننا لا نمارس السعي و نتوكل على الله. 

و لكننا نقوم بالقليل من العمل و في كل دقيقة نترقب النتيجة. و لهذا ينتج اليأس.

فأغلب الناس الذين يصيبهم اليأس لو سألتهم كم حاولوا سيقولون كثير جدا. و إذا سألتهم كم كثير سيقوقلون خمس أو عشر مرات على أقصى تقدير. و هذا ليس كثير بالمرة.

فلو تأملت قصص الذين نجحوا، لوجدت بأنهم حاولوا مئات و آلاف المرات قبل أن يصلوا إلى الإمبراطوريات التي وصلوا إليها.

فأين السر إذن؟ و لماذا هناك شخصيات حاولت آلاف المرات و لم تعلن استسلامها و أخرى في بداية الطريق أعلنت فشلها.

أعتقد بأن كلمة السر تكمن في الإيمان و الإخلاص. فهناك من يحمل تحديا أو مشروعا يؤمن به لذاته و يريد أن يكمله مهما حصل. و هناك من يحمل مشروعا يمني و يوهم نفسه به كوسيلة ليهرب منه من حياته المزرية. فهو لا يؤمن بالمشروع لذاته و لكن المشروع في حد ذاته وسيلة فقط، بينما معظم من نجحوا جعلوا من  المشروع غاية في حد ذاتها و ليس فقط وسيلة.

أي أنهم انطلقوا و هم شغوفين واثقين و مؤمنين بما يريدون أن يفعلوا، و  كانت تحركهم قوة داخلية صافية توجههم للعمل و للثبات و لليقين رغم كل العراقيل التي تصادفهم.

فلتجاوز مشاعر اليأس يحتاج الإنسان إلى التشافي من التعلق بشتى أنواعه و يحتاج إلى أن يكون شغوفا بمشروعه حيث يجد السعادة و هو منغمس فيما يفعل فلا ينظر إلى النتيجة أبدا. 

فالسبب الرئيسي لكل ما يواجهه الإنسان في حياته من تجارب و تحديات، هو السمو الروحي و الشافي من كل ما يمكن أن يحمله الإنسان من جروح داخلية و مشاعر سلبية.

و عليه، إذا أصاب الإنسان اليأس في أول الطريق، فعليه أن يحمد الله لأنه استطاع أن يتعرف على شعور بداخله عليه أن يواجهه و يتخطاه بدل أن يبقى عالقا فيه. و إذا أدرك في نهاية المطاف بأنه فقط شعور فإن هذا الإدراك سيخفف عليه.

و إذا واصل الطريق و تخلى عن مشاعر التعلق و من ثم عن مشاعر الإحباط و اليأس فإنه سيكتشف بعد هذه التجربة، أن كل تحدي هو وسيلة للنمو و الصفاء الروحي. و من ثم سيحمد الله على كل تحدي تجاوزه و  كل شعور تعرف عليه و سمح له بالرحيل.

 



طرق لتجاوز اليأس و الإحباط

الصرخة، لوحة للفنان النرويحي إيدفارد مونش.

 بين الإحباط و الفزع و اليأس و الوحدة خرجت صرخة.





google-playkhamsatmostaqltradent