![]() |
الوصفة هي عندما تدرك أنه لا توجد وصفة |
نمني أنفسنا بأننا قد نجد وصفات جاهزة للحياة، نطبقها فنكون في صحة جيدة و في وفرة مالية و في نجاح مستمر و ننعم بدفئ الحب و الأسرة المستقرة.
و هكذا نحن، تجدنا نتبع أخبار المشاهير و الأغنياء و نبحث عن سير العظماء علنا نجد فيهم ما نقتدى به.
و لكن ما ينجح مع غيرنا قد لا ينجح أبدا معنا، بل ربما قد يكون سبب تعاستنا. و القصص الفاشلة لبعض الأشخاص قد تكون هي سبب سعادة و نجاح لأشخاص آخرين.
فكلنا في جوهرنا تستحوذ علينا فكرة الإنسان الخارق، الذي لا يقهر و الذي ينتصر دائما، و هكذا الكثير من الفلاسفة تبنوا فكرة إمكانية صناعة إنسان كامل. فقصة "فرانكشتاين" كانت تغازل هذا المعنى. و الفيلسوف "نيتش" كان يبحث عن مواصفات الرجل الكامل في فلسفته و لكنه مات بعض مرضه العقلي.
و اليوم، مدربو التنمية البشرية يسوقون لهذا الحلم الذي راود الإنسان منذ الأجل، فيصورون لنا بأنه عبر بضع تقنيات و سلوكيات يمكن أن يكتسب الإنسان القوة و المال و الحب و كل شيء يريده.
فكثرت الكثير من الوصفات لأجل ذلك، و مدونة " خطوات صغيرة"، هي الأخرى تضم الكثير من الوصفات و النصائح التي كنت أجربها في حياتي.
و لكن، عندما بدأت أعتقد بأنني بدأت أسيطر على حياتي و أصبحت أمتلك زمام أموري، و عندما بدأت أستمتع فعلا بحياتي، مرضت بطريقة غريبة و غير مفهومة حيث وقع لي نزيف و في ظرف ثلاثة أيام أصبت بنقص حاد في الدم جعلني شبه عاجزة عن عمل أي شيء فما بالك بالركض في الصباح و الحركة اليومية و تدوين الأهداف الصباحية...
هنا انتابني إحساس بأن الإنسان فعليا ضعيف و لا يملك من أمر نفسه شيئا. و كل الوصفات لا و لن تجدي نفعا. فهزة بسيطة قد تحدث خللا في التوازن و في حياة الإنسان.
و عليه، يمكن للإنسان أن يسعى أن يحيى أن يتطور أن يستمر إلى أن يحين أجله، و لكن أبدا لا يمكنه أن يمني نفسه بضمانات أو بتوقعات لأنه لا يوجد ضمانات و لا توجد توقعات.
فيمكن أن تأكل أكلا صحيا، و أن تمارس الرياضة و أن تستيقظ باكرا و مع ذلك يمكن أن تصاب بالمرض. و يمكن لشخص لا يمارس عادات صحية البتة و مع ذلك يمكن أن يظل بصحة جيدة أو بدون أن ينهار عبر مرض مفاجئ. فالحقيقة هو أنه لا توجد وصفة.
و لكن هل هذا يعني ألا نمارس العادات الجيدة؟
أبدا، فالعادات الجيدة ستجعلك تستمتع بالحياة أكثر، و لكن إذا كنت مستمتعا فعليا في حياتك و تحقق نتائج فهذا يعني أيضا أن عاداتك هي الأخرى جيدة لك و تخدمك حتى لو اجتمع الأخصائيون و وضعوها في خانة العادات السلبية.
لأنه ببساطة لا توجد وصفة.