recent
جديد المدونة

و ماذا بعد؟

و ماذا بعد؟

هل يمكن للإنسان أن يتشافى كليا؟


و ماذا بعد؟

في إحدى حلقات مسلسل  The good Doctor ، أحد المرضى كان يعاني من إعاقة حادة منذ طفولته منعته من أن يمارس حياته، و عندما أراد الأطباء أن يعالجوه، كان متحمسا في البداية، و لكن سرعان ما أصابه الخوف و تراجع.

و هنا كان الطبيب من الحكمة و الفطنة التي تثير الإعجاب، حيث قال له أنت لا تخاف أن تفشل العملية و لكن تخاف لو نجحت. لأنك في هذه الحالة عليك أن تواجه حياتك بدون أعذار. و هنا عبر المريض عن مخاوفه، و أخبره كيف أنه منذ ثلاثين سنة لم يستطع أن يعيش و لم يتعلم كيف يعيش، فكيف يمكنه أن يبدأ من جديد؟ كيف يمكنه أن يكون علاقات اجتماعية و أن يعمل و يكون ناجحا في عمله ؟

تلك اللقطة، جعلتني أفكر في جروحنا الداخلية و مشاعرنا، فلو تشافى الإنسان من مشاعره السلبية و هو في عمر الخمسين أو الستين أو السبعين، ثم اكتشف بأن تلك المشاعر و الأفكار السلبية هي التي كانت تعيقه عن الحياة، و كانت بمثابة غشاوة تحجب عنه الخير و الحب الموجودين في العالم، فهل سيستطيع أن يتدارك فعلا الحياة التي فاتته؟ أم سيظل مرة أخرى عالقا في مشاعر جديدة مثل الوحدة و الإحباط و العجز؟

هل لهذا السبب يظل الإنسان كيفما كان نوعه، غارقا في دوامة داخلية لا يخرج منها؟ لأن العقل إذا استطاع أن يخرج من مشكل فهو بطريقة ما سيعلق في مشكل آخر؟

هل الجراح تخفي جراحا أخرى؟ و إذا تشافى الإنسان من جرح برز له جرح آخر؟ و يستمر على هذا المنوال إلى آخر يوم في حياته؟

كنت أكره الركض، و بعد دقيقتين من الركض أشعر بالتعب و برغبة في التوقف. فتدربت مع صديق على أن أركض أكثر بالاستعانة بتطبيق رياضي.

كان التطبيق في كل يوم يضيف دقيقة، و هكذا بعد ثلاثة أشهر كنت تجد نفسك قادرا على أن تركض ساعة بدون توقف.

في التطبيق، كنت في كل حصة، أحرز تقدما، و لكن أيضا كانت لي المشاعر نفسها، أي الإحساس بالتعب و بأني ألهث. فقط المدة التي كانت تتغير. 

و هنا سألت صديقي ألا يبدو هذا الركض عبثيا، لأننا نعم نحرز تقدما، و لكن المشاعر نفسها لم تتغير. و هنا أجابني بجملة كانت بمثابة النور في حياتي " هل من يلهث في دقيقة من الركض كمن يلهث بعد نصف ساعة؟"

و ما ينطبق على تمارين الركض، ينطبق أيضا على كل جوانب الحياة. فهل من مازالت أتفه الأمور تغضبه و تحزنه كمن لم تعد إلا الأمور الجلل هي القادرة على أن تغضبه و تحزنه؟

فماذا بعد؟ في الحياة لا يوجد بعد. و لهذا لا يوجد خلاص. لأن الخلاص يعني التوقف عن التطور و النمو و هذا يعني الموت.

فما دام الإنسان في الحياة، فهو فقط سينتقل من شعور إلى شعور أعلى، من مستوى إلى مستوى آخر. فالرحلة لا تنتهي و ألم النمو لا ينتهي أيضا.



google-playkhamsatmostaqltradent