![]() |
لا شيء يمكن أن يعكر صفو إنسان مبتهج و محب |
الإنسان يجذب ما هو عليه
في أحيان كثيرة، نرهق أنفسنا بالكثير من الأعمال و الأفعال. و نعتقد بأننا سنجد الخلاص فيما نقوم به. و لكننا لا ندرك بأن الخلاص الحقيقي فيما نحن عليه و ليس فيما نقوم به.
فها هما قابيل و هابيل قاما بنفس الفعل و قدما قربانا لله سبحانه، و لكن القربان قبل من هابيل و لم يقبل من قابيل. لماذا؟
و كذلك نحن، في أحيان كثيرة نقوم بالكثير من المشاريع و الأعمال و الأهداف، و لكنها قد تصبح وبالا على حياتنا و سعادتنا بدل أن تكون عونا لنا.
نعتقد بأن رغباتنا و أفعالنا هي نحن، هي ما يعبر علينا فعلا، و لكن نحن هي تلك المشاعر و الأفكار التي نخفيها أو نبديها لأنفسنا. نحن هي تلك الطاقة التي نقوم بها بالفعل أو لا نقوم به.
نحن هو ذلك العالم اللامرئي و اللامسموع الذي نعتقد بأننا قادرون على إخفائه فقط لأننا لا نفصح عنه و لكن الله يبديه لنا في كل فعل بسيط أو كبير نقوم به. فالله مخرج لما كنا نكتم شئنا أم أبينا.
فالأفعال و الأعمال سواء أكانت بسيطة أو كبيرة تأثيرها على حياتنا مرتبط بالضبط بما نحن عليه.
فسبحانه في الآيتين 264 و 265 من سورة البقرة يصف نفس الفعل الذي هو الصدقة و لكن بكينونتين مختلفتين، فقال سبحانه في كتابه الحكيم " يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و الأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس و لا يومن بالله و اليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا و الله لا يهدي القوم الكافرين 265 و مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله و تثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل و الله بما تعملون بصير"
فالفعل واحد و هو الصدقة، و لكن الأول قام بالفعل رياء و نفاقا و الثاني قام بالفعل ابتغاء مرضات الله.
فأصاب وابل أو المطر الشديد كليهما، إلا أن المطر الأول أزال التراب فترك المكان كحجر ألمس لا يدخله شيئ. أما المطر الثاني فسقط على أرض خصبة فجعل منها جنة مثمرة.
و لو نظر الإنسان إلى القصص التي تمر به، لوجد من هذه الأمور العجب. فقد تجد شخصين يقومان بالمشروع نفسه كأن يتاجرا في البورصة أو العقار أو أي مشروع أو مجال آخر. الأول قد يصبح غنيا و سعيدا من ذلك المشروع أو الفعل و الثاني قد يصبح فقيرا و شقيا من نفس الفعل. فإلى ماذا يمكن أن يعزي الإنسان ذلك؟
و هل الأفعال تهم حقا أم ما يهم هو شيء آخر تماما؟
و كم من أشخاص تجدهم يفعلن القليل و يبارك الله سبحانه في ذلك القليل و كم من أشخاص تجدهم يبذلون قصارى جهدهم و لكن بلا جدوى. فهل فعلا ما يهم هو ما نقوم به و ما نفعله؟
أم أن ما يهم هو ما نحن عليه و ما يشع من أعماقنا أثناء ما نقوم به من أفعال؟
ما الذي يعطي لأعمالنا القبول في الدارين؟
هي ما نحن عليه أو نيتنا أثناء القيام بذلك الفعل ، و هكذا الإنسان لا يجذب ما يريد و لكن يجذب بالضبط ما هو عليه.