![]() |
لماذا لا يشعر الإنسان بالاكتفاء و يطلب دائما المزيد |
الإنسان لا يريح و لا يستريح. دائما يشعر بأنه يحتاج إلى شيء ما. و مهما حقق في حياته فهو يشعر دائما بأن هناك شيء ما ينقصه.
من أين يأتي هذا الشعور بعدم الاكتفاء؟ هذا الشعور بأنه مازال يوجد شيء ما ناقص، بأنه ما زالت توجد أشياء لم يقم بها بعد؟
قد يكون هذا الشعور فطري أوجده الله فينا، ليحثنا على العمل أكثر و على الإنجاز أكثر بهدف تعمير الأرض.
فلو لم يكن للإنسان هذا الشعور لاكتفى عند أول إنجاز يقوم به و عند أول طفل يلده و عند أول سعادة حصل عليها، و لاكتفى بما لديه من مال دون أن يسعى للحصول على مال كثير و هو يدرك تماما بأنه سوف لن يتسنى له الوقت لاستغلاله.
و لكن حكمة الله سبحانه، زرع فينا هذا الشعور بعدم الاكتفاء و بالطموح و التدافع في الأرض.
و لكن هذا الشعور إذا لم يتم ترويضه و إذا لم يحسن المرء السيطرة عليه و قيادته فإنه يتحول وابل على صاحبه. لأنه سيشعر بالشقاء مهما حقق من أمور، و سيشعر بالحزن و القلق حتى لو كان يمتلك جزيرة كاملة لوحده.
فالشعور بعدم الاكتفاء و بعدم الاكتمال شعور طبيعي، فالإنسان خلق ناقصا و الإنسان المكتفي تماما بذاته يعيش وهما و يخدع ذاته، فالإنسان في سعي دائم نحو الكمال و لن يبلغه أبدا مهما حاول.
و لكن أن يسيطر هذا الشعور على الإنسان طيلة يومه و حياته فهنا يدق ناقوس الخطر. لأن الإنسان إذا شعر بعدم الكمال و النقص و عدم الاكتفاء، فهذه المشاعر تحذره ليجلس مع ذاته و ليصلح عيوبها و نواقصها و ليفهم ما الذي يمكنه أن يقوم به نحو سعيه نحو الكمال.
أما أن يجلس المرء يجلد نفسه و يرهقها و يشعرها بالعجز و الدونية، فإنه بهذا يحكم عليها بالهلاك و يحكم على نفسه بالركض المستمر و بأن يلهث طيلة حياته دون أن يتسنى له بأن ينعم بلحظات من الرخاء و الهناء و الاستمتاع بما حققه.