![]() |
اللحظة هي كل ما نملك |
قوة الآن
" لم أعد أطيق العيش مع نفسي". هذه الفكرة نصرح بها باستمرار في أعماقنا. بيد أن " إيكارت تول" صاحب كتاب " قوة الآن"، ألهمته هذه الجملة و جعلته يصبح ما هو عليه الآن.
لأنه عندما ردد الفكرة في رأسه، لأول مرة فكر بأنه يوجد "أنا" و " نفسي"، فتساءل من لم يعد يطيق من؟ و من هو هذا الأنا الذي لم يعد يطيق نفسه؟ و من هي نفسه؟
و هنا فهم، بأنه ليس أفكاره و لا مشاعره، و لكنه المراقب لتلك الأفكار و المشاعر. و فهم بأن معاناته هي وهمية لأنها من نتاج العقل الذي اخترع الزمن و علق فيه.
حيث إذا سألت طائرا عن الماضي أو عن الحاضر فلن يجيبك. و لو سألته كم الساعة سيجيبك "الآن".
فالإنسان علق في الماضي أو في المستقبل، أو بالأحرى عقل الإنسان. فعقلنا لن يشعر بوجوده إلا عبر الماضي أو عبر المستقبل. و لهذا يجعلنا عالقين فيهما.
فلو توقفت و سألت نفسك فيما تفكر، ستكتشف إما أنك حزين من شيء وقع في الماضي أو خائف و قلق من شيء قد يحدث في المستقبل.
أما اللحظة فهي زئبقية، لا يمكن للعقل إدراكها، لهذا يتجاهلها، و لا يهتم بها إلا بعد أن تتحول إلى ماض.
فمعظم الكائنات حولنا تعيش بكينونتها، حاضرة في اللحظة. تتصارع في اللحظة، و تفترس فريستها، ثم تمضي لا تفكر في الفريسة و لا فيما افترسته.
أما الإنسان فهو كائن لا يعيش في الحاضر، يعيش متأرجحا بين الماضي و المستقبل. لأنه يعيش في عقله، في أفكاره، في مشاعره. فيتجاهل الوجود من حوله. لا يسمع العصافير و لا يراها و هي تحلق من فوق رأسه، و لا يرى الأشجار و هي تتمايل، و لا يرى زرقة السماء فوق رأسه.
فهو دائما مشغول. بماذا؟ بما كان عليه أن يفعله و لم يفعله، و بما يجب عليه أن يفعله. الإنسان سجين عقله. و ليتحرر منه عليه أن يركز على اللحظة.
و أبدا ليس سهلا هذا الأمر، لأنه ما إن يبدأ في التركيز حتى سيبدأ عقله يسأله أسئلة في نفس السياق. مثال: هل أركز جيدا؟ كيف أعيش اللحظة؟ كيف أكون في كينونتي؟ و هو هنا بالضبط يكون قد تخلى عن عيش اللحظة و عاد إلى سجن العقل و الأفكار.
إذن كيف يمكن للإنسان أن يكون في اللحظة؟
عليه أن يتعلم أن يراقب فقط. يراقب بحياد تام. بدون أحكام، بدون تعاليق. أن يراقب فقط.