![]() |
أنت أنت و هو هو |
لا تقارن نفسك بغيرك
أغلبنا مر من هنا، و ربما ما زال يمر. كلنا في وقت من الأوقات، كنا نركز على الآخرين، و نقارن و نقيم أنفسنا انطلاقا من الآخرين.
و لكن، لم نكن سعداء بهذا، و لن نكون سعداء. لأننا دون أن ندري نهين أنفسنا و نقلل من شأنها عندما نقارن أنفسنا بالآخرين، أو نهين الآخرين و نقلل من شأنهم عندما نعتقد بأننا أحسن منهم و كلاهما سلوك سلبي و سيء.
لأنه بدل أن نركز على أنفسنا، و بدل من أن نقترب أكثر من أنفسنا لنعرف حاجياتها الحقيقية و ما تريد فعلا، فإننا ننفصل عنها و نبدأ نبحث عن وصفات جاهزة انطلاقا من حياة الآخرين.
و المثير هو أننا لا نعرف حقيقة الآخرين الذين نقارن أنفسنا بهم و لا نعرف حقيقة صراعاتهم الداخلية و لا ما يفكرون و ما يشعرون به.
و هكذا نمضي في الحياة، و نحن في الحقيقة بعيدين عن أنفسنا و عن الآخرين أيضا. نمضي في الحياة و نحن نعيش في وهم المظاهر و في وهم ما نراه، بينما نحن بالكاد لا نرى شيئا.
فكل فرد منا هو مختلف عن الآخر، ظروفه مختلفة، و أولوياته مختلفة و حاجياته مختلفة. و لهذا إذا ركز الإنسان على نفسه، فهذا يعني أنه سيركز على أولوياته و حاجياته و ليس على أولويات و حاجيات الآخرين.
فكثيرا، في ركضنا الملهوف لنحقق نجاحات أو أشياء حققها آخرون فإننا لا نكون سعداء و مكتفين بما حققناه، و السبب هو أنه في الحقيقة ليس ذلك الهدف الذي نريده.
فأغلب الناس تعيش و هي تقلد الآخرين، فإذا سافرت زميلتها ستسافر هي الأخرى حتى لو كان السفر لا يعني لها شيئا و ليس من أولوياتها. و إذا اشترت جارتها صالون جديد فإنها ستشعر بالضيق إلى أن تشتري هي الأخرى صالون جديد.
و لا يمكن اعتبار حياة كهذه كحياة حقيقية، يعيشها المرء. فهو سيعيش في زيف كبير، و لن يشعر بالرضا أبدا، كما أن مشاعر الغيرة و العار و الدونية و الحقد ستتملكه كلما اعتقد بأن غيره أكثر مالا و أبناء و علاقات.
و هكذا سيدخل في سلسلة من التدمير الذاتي، و سيجد نفسه يشعر بالضيق طيلة يومه، و السبب هو أنه ركز على اللآخرين و جعلهم معيارا لنجاحاته و سعادة حياته.
فالإنسان كلما ركز على نفسه و على ما لديه و على ما يمكن له أن يفعله و ما يريد أن يفعله، كلما شعر بالرضا و أراح و استراح و تقدم و تطور في الحياة.
و كلما ركز على ما عند الآخرين كلما تاه و شقى.