![]() |
هل يمكن أن تصبح قيودنا تشبه البلونات؟ و لكن ما الذي يقيدنا فعلا؟ |
إنها تشعر بقيود كثيرة تجثم عليها. تضغط على صدرها و تبعدها عن نفسها. تشعر بالضيق و الغضب طيلة اليوم. و لكن حتى و هي تحاول أن تعرف مصدره. فهي لا تدركه.
هكذا كانت غيتة تشعر و هي لم تكمل بعد عامها العشرين.و لم تكن تعرف لماذا تشعر بهذه القيود؟ و لا حتى كيف لمن يملك مثل حياتها أن يشتكي؟
فأمها كانت متفهمة جدا، و تعمل كوتش في التنمية البشرية. و منذ طفولتها و هي تعمل ما بوسعها لتكون أما جيدة. فكانت تترك لها مساحة، و تساندها عند المواقف الصعبة، و تمنحها الحب، و في كل يوم كانت تتركها تتعلم و تجرب شيئا جديدا لتنمو.
لم تكن مثل زميلاتها، تخاف من الخطأ و تخشى العقاب و تتوق فقط إلى الثواب. علمتها أمها أن الحياة طريق عليها أن تسلكه و ألا تخاف مما يمكن أن تجد فيه. عليها فقط أن تمضي قدما و تتعلم.
و هذا ما كانت تفعله. و مع ذلك، تكونت قيود تجثم عليها. لا تشعر بأنها حرة تماما. مشاعرها و أفكارها تسجنها. و كلما حاولت أن تغير مشاعرها و أفكارها تجد نفسها في سجن آخر.
هل يهم أن تكون سجينا في غرفة أن في قصر؟ السجن واحد. و هي سجينة مثل بنات جيلها تماما، و لكن فقط سجينة في قصر وردي.
سئمت من التقنيات التي علمتها لها أمها في صغرها، عن كيف تقوم بتغيير أفكارها السلبية، و كيف تسمح لمشاعرها بالرحيل، و كيف تتخيل المشاعر التي تريدها، و كيف تستعين بالتنفس لتهدئة المشاعر المضطربة بداخلها... أصبحت تشعر بأنها مزيفة. لا تدري من تكون حقا. و انتابها شعور عميق بأنها كل شيئ و لا شيء. بأنها الوجود و العدم.
هل حقا هي لا شيء غير أفكارها و مشاعرها؟
والدتها علمتها كيف تضبط أفكارها و مشاعرها. و هي تغير مشاعرها و أفكارها عشرات المرات في اليوم، فهل هذا يعني أنها في اليوم الواحد تعيش نسخا مختلفة منها؟ و لكن من تكون هي إذن؟ هل مجرد فيلم؟ مسلسل؟ قصة تعيشها؟
هل هذه هي الأشياء التي تقيدها و تجثم عليها؟ شعورها بأنها تشبه روبورت أو جهاز كمبيوتر يتبرمج. ألهذا السبب لا تشعر بالتحرر و الحرية التي كانت تتوق إليها؟
هل الحرية هو فقط في قدرتك على اختيار الأفكار و المشاعر التي تريد؟ هل هذا هو التحرر؟ و لكن كيف لها أن تعرف ما تريد حقا؟ فأنت لا تعرف ما يوجد في الكون من أفكار و مشاعر؟ لا تعرف جميع البرمجات و الفرص المتاحة؟
إذن، حريتها دائما ناقصة ما دامت تختار فقط انطلاقا مما تعرف و معرفتها محدودة جدا.
شعرت بالغضب اتجاه والدتها. لأنها كانت تبيع لها أحلاما في طياتها تبدو وردية و لكنها في الأصل محبطة جدا.
فهاهي لم تكمل عمرها العشرين، و شعرت بالملل و الضجر من الحياة. بينما زميلاتها، التي تتفنن أمها في تسميتهم " بالنائمات"، يبدو عليهن الاستمتاع بقصصهن الفاشلة و لا يلقين بالا لوصفات التنمية الذاتية، هن فقط يعشن.