recent
جديد المدونة

من أين تأتي الشرارة أو الفكرة العبقرية؟

من أين تأتي الشرارة أو الفكرة العبقرية؟

من أين تأتي الفكرة الجيدة؟ و كيف أدرك أنها جيدة؟


 من أين تأتي الشرارة أو الفكرة العبقرية؟

كل يوم، تمر في أذهاننا أكثر من ثمانين ألف فكرة. و لكن لا أحد يمكنه أن يدرك بتفصيل تلك الأفكار الهائلة التي مرت عليها. و في الحقيقة أكثر من ثمانين في المائة هي عبارة عن اجترار لما كان يرهقنا بالأمس. أي كأن ذهن الإنسان يعيد تشغيل نفس الكاسيط أو نفس الأغنية طيلة حياته إلى أن يستفيق و يصبح واعيا بما يدور في داخله و واعيا بحياته و سلوكه و أفكاره و مشاعره، و هنا ستبدأ تظهر له أفكار جديدة.

و لا أحد يعرف من أين تأتي الأفكار؟ هل الذهن هو الذي يخلقها أم هي تشبه السحاب و الذهن كالسماء، و هي تمر على الذهن كما يمر السحاب في السماء.

و لكن كما في السماء توجد سحابة ممطرة، فكذلك توجد في بعض الأذهان أفكار نيرة. و عندما يقبض الشخص على تلك الفكرة، نقول عنه أنه عبقري.

و لكن، ماذا فعل ذلك العبقري؟ هو فقط استطاع أن يقطف فكرة مرت في ذهنه في اللحظة المناسبة، و استطاع أن يبلورها على أرض الواقع لتأخذ شكلا ماديا بعد أن كانت فقط شيئا لاماديا و غير مرئي.

كثيرون، ممن يجيدون قطف هذه الأفكار و يحولونها إلى كنوز، إذا سألتهم سيخبروك ببساطة " أووه، فقط سقطت علي" أو " مرت على رأسي" أو " هو شيء يشبه الوحي".

و لكن لماذا لا تسقط هذه الأفكار على الجميع؟ لأنك لو قرأت مثلا عن إسحاق نيوتن لوجدت بأن دماغه كان منهمكا يحاول أن يفهم الجاذبية قبل أن تسقط عليه التفاحة. و أديسون كل ذهنه منحه لمحاولة إيجاد طريقة لإضاءة العالم، و أيشتاين قبل أن يصيح صيحته الشهيرة " وجدتها"، فإن ذهنه بالكامل كان مشغولا بالفيزياء و النسبية.

إذن، لا يمكن أن يكون ذهنك مثلا مشغولا بالقيل و القال، و تدعي بأن فكرة عبقرية علمية ستمر في ذهنك. الأغلب قد تمر فكرة جهنمية و لكن سيكون لها علاقة بما أنت مشغول به.

فالأفكار النيرة، لن تمر إلا عبر ذهن صافي. أما من كان ذهنه ملوثا، ففي الغالب لن يستطيع أن يحصل على فكرة نيرة، و لكن قد يحصل على فكرة عبقرية شريرة.

و لهذا، كلنا نأمل في العثور على فكرة نيرة، تقلب حياتنا رأسا على عقب إيجابا كما حصل مع "ستيف جوبس" و "بيل غايت" و "مؤسس الفايسبوك" و آخرون. و لكننا، نغفل بأن حياتهم و ذهنهم و جوارحهم كانت مركزة على المجال الذي أبدعوا فيه. و بأن الفكرة لم تأتي في شهر أو حتى سنة، و لكن هي نتيجة سنوات من البحث و التركيز.

و لكن، في أحيان كثيرة نريد أن نوهم أنفسنا بأنهم فقط اشخاص محظوظين سقطت عليهم فكرة هكذا. فنقضي اليوم بأكمله في المقهى، و نحن نأمل أن تأتينا فكرة. 

و لو قضيناه، مثلا و نحن نراقب الناس، و نراقب كيف تشتغل المقهى و كيف يعمل نادل المقهى، و أخذنا نراقب الفضاء و كيف الكراسي موضوعة، فمن المؤكد يوما بعد يوم كانت قد تأتي لنا فكرة نيرة، عن كيف يمكن تحسين أداء النادل، أو إضافة خدمة جديدة للزبائن. لأن الأفكار بطريقة ما تأتي هكذا، أي بالتركيز على الموضوع و المراقبة و إيجاد مشكل ثم البحث عن الحل.

و لكن معظمنا يجلس و هو مغيب، فقط يمني نفسه بإيجاد فكرة أو مشروع أو شيء ما بدون أن يركز على موضوع بعينه، أو يقوم بتخيل ما يبحث عنه من أفكار.

فقط يجلس بسلبية، و يريد أن تسقط فكرة على رأسه ليقطفها. و لكن الأفكار تسقط فقط على الأذهان المثمرة، و الأذهان تحتاج إلى وقت لتنضج.


google-playkhamsatmostaqltradent