recent
جديد المدونة

لماذا يشيخ الجسم قبل أن يشيخ؟

لماذا يشيخ الجسم قبل أن يشيخ؟

الجسم موطن الروح

لماذا يشيخ الجسم قبل أن يشيخ؟

أجسادنا لم تعد تطاوعنا كما في السابق. أصبحت تخذلنا. فنشعر بأن جسدنا بدأ يشيخ و نحن ما زلنا في الثلاثينات و الأربعينات. و هذا ظلم كبير في حق أجسادنا التي هي موطن أرواحنا. 

تصور نفسك، تسكن في منزل متآكل، قد يسقط عليك في أية لحظة. كيف سيكون إحساسك؟ هل ستشعر بالأمان؟ هل ستشعر بالسعادة؟ هل ستشعر بأنه يمكنك أن تفعل ما تشاء و في أي مكان في ذلك المنزل؟ قطعا لا.

و ماذا عن روحك، و هي تسكن في جسد متراخ متهالك ضعيف، يتعب بسرعة و غير قادر على أن يقوم بكل الحركات. يصلي بتعب، يتمشى و هو يلهث، لا يستطيع أن يركض... هل روحك ستكون منطلقة؟ أم ستكون خائفة على مسكنها؟ على هذا الجسد الذي قد يتهاوى في أي لحظة فتضطر أن ترحل عنه ذاهبة عند بارئها؟

هل روحك ستقدر على عمل كل ما تريد، على تحرير طموحاتها؟ على أن تتدفق في الوجود؟ أم ستكون فقط قلقة على هذا الجسد الذي شاخ قبل أن يشيخ.

كل الأطباء، كل النصائح، كل المدربون يحثون على أهمية الحركة للجسد. بأن الجسد خلق ليتحرك، مثل الأذن لتسمع و العين لترى و اللسان ليتكلم.

و لكن، معظمنا لا يتحرك كثيرا على الإطلاق حتى لو حاول ذلك. فكأن الأطباء فقدوا الأمل في هذه الإمكانية و أصبحوا ينصحون فقط بنصف ساعة للمشي.

بينما الجسد، كما خلقه الله يحتاج إلى الحركة، هو يطور إمكانياته عبر الفعل، عبر الجهد، عبر الحركة، عبر النشاط. و تضمحل قدراته رويدا رويدا كلما و قف عن استغلال عضلاته و قدراته.

و لكن، مع طبيعة الحياة العصرية، التي تجعلنا نعيش بخمول و كسل حتى لو كنا نأمل في العكس، كيف يمكن أن نمنع جسدنا من أن يشيخ قبل أن يشيخ؟

فمعظمنا، أصبح يشتغل و هو جالس على المكتب لأكثر من ست ساعات يوميا. فيأتي منهكا ليستريح بعدها على الفراش.

كما أن الأنشطة الترفيهية نفسها في عصرنا الحالي أصبحت خاملة من ألعاب فيديو، مواقع التواصل الإجتماعي و مشاهدة الأفلام...

فكيف يمكننا أن نخرج من هذا الفخ؟ فالإرادة وحدها لا تكفي. لأنه علينا ان نفكر في أسلوب حياة نشيط و مثالي للعصر الحالي، أسلوب حياة يفضل الحركة و الحيوية على الخمول و الركود.

 الأشياء التي يمكن فعلا لنا أن نتحكم فيها هي أوقات فراغنا. فإذا أردنا ألا نشيخ قبل أن نشيخ، علينا أن نفضل المشي و الحركة على قيادة السيارة، و إن كان في غالب الأحيان الوقت يداهمنا فيصعب أن نذهب إلى العمل على الأرجل، و أيضا لأنه لا يمكن أن نصل إلى مقر العمل و نحن نقطر من العرق.

إذن يمكن أن نجعل من يومي السبت و الأحد، يومي الحركة. فننطلق إلى الحياة البرية، و نستنشق الهواء، و نحرك كل جزء من أعضائنا. فنجلس القرفصاء فوق العشب، و نتسلق الأشجار، و نطبخ في الخلاء...

نحاول أن نجعل جسدنا يتذكر ما كان يفعله أجداده منذ ألاف السنين، و كيف كانت أجسادهم قوية و نشيطة و مليئة بالحيوية.

يمكننا أن نجعل من يوم السبت و الأحد، يومين للعودة إلى الطبيعة و من ثم طبيعتنا الجسدية، فنخرج أكثر، نتمشى أكثر، ننحني لنرى شكل الحشرات و هي تمر من تحت أقدامنا، نستخدم أيدينا لشم الأزهار و الورود، نستخدم آذاننا لنسمع صوت العصافير و المياه، نعطي لأعيننا الحرية في أن تسرح بعيدا في أقصى نقطة من الأفق البعيد...

إن العودة إلى البرية كلما أمكن، هو حل مثالي يمكنه أن يضمن لأجسادنا الحركة، و من ثم يمكن أن يضمن لها ألا تشيخ قبل أن تشيخ.


 
 
google-playkhamsatmostaqltradent