النوم للأطفال
في شمال مدينة أوكلاند Oakland بنيوزيلاندا، في حي بوركيلي، حيث توجد جامعة بنفس الإسم، كانت تقطن فتاة شابة اسمها إيفا Eva.
كانت فتاة ذكية و جميلة، و لكن كأغلب الفتياة لا تدرك ذلك، و تعتقد بأنها جميلة و حسب مع القليل من البلاهة و سوء الحظ.
أصابها الملل، فأشعلت سيجارة و هي مستلقية على الفراش تتأمل جدران غرفتها الصغيرة.
أخذت هاتفها تبحث عن مواقع تسليها. ليست لها رغبة الليلة في تلك المواقع الساخنة التي تتحدث عن الجنس و المخدرات و ترف إيلون ماسك و فضائح أبيه.
تريد شيئا مختلفا. شيئا يأخذها إلى عالم مختلف عن عالمها الصاخب. هل تبحث عن موقع ساذح لأشخاص سذج، عاشوا على الهامش و لهذا لم يلطخوا أيديهم و أجسادهم بالكثير من الذنوب و الآثام؟ هل تبحث عن مواقع لا يمكن للشياطين أن تتسلى فيها؟ هل تبحث عن مواقع عليك أن تكون ملاكا حتى لا تشعر بالملل و أنت تنتقل بين صفحاتها؟
من أين يمكنها أن تحصل على هذا النوع من المواقع الذي لن تفكر الشياطين في الانخراط فيه و تتبعه؟
أخذت تبحث في غوغل و تستخدم كلمات مختلفة مثل جمال و سكون الليل، تغييرات بسيطة، حياة صحية...
و أخذت تبجث عن مواقع، لا توجد في الصفحات الأولى في جوجل، و لكن مواقع لا يزورها أحد أصلا. فهي تريد أن تكتشف شيئا مختلفا.
بعد برهة، ظهر لها موقع اسم دومينه بالأنجليزية و لكنه مكتوب بالعربية " خطوات صغيرة". يبدو أنها مدونة جديدة لم تكمل شهرها الثاني، مليئة بالصور الجميلة و بألوان وردية. للوهلة الأولى قررت أن كاتبتها لا بد أن تكون أنثى، و لا بد أن تكون ساذجة. فمن ما زال يعتقد بأن صور الطبيعة و الأطفال يمكن أن تمنحه زوارا لمدونته.
و كانت تحتاج أن ترى شيئا مختلفا، فاستخدمت مترجم جوجل ليحول المدونة إلى اللغة الأنجليزية.
المقال الأخير أضحكها، يتحدث عن عادات مسائية لنوم صحي، ألم يخبرها أصدقاؤها أن النوم للأطفال، بل للرضع؟ لأنه حتى الأطفال أصبحوا يرفضون النوم و يسهرون مع أجهزة الكمبيوترو مع الألعاب الإلكترونية. و هي تنصح ببلاهة أطفئوا أجهزة الهاتف قبل النوم، و حاولوا أن تخلدوا إلى النوم في العاشرة.
هذا النوع من المقالات الساذجة، يريد أن يصنع من الراشد طفلا صغيرا، نسيت أن تطلب منا صاحبة المدونة أن نشرب الحليب قبل النوم.
يا إلاهي، أشعر بالجنون، أريد أن أكتب تعليقا على نصائحها الطفولية و أدعوها أن تقضي الليل على طريقة الكبار، أي طريقتي.
ثم فكرت في الأرق الذي تعانيه، و الملل بعد كل ما رأت، و كثرة الصدمات من علاقات عاطفية عاصفة تنتهي بالخيانة أو الترك...
و تمتمت بين نفسها بصوت لا يسمعه أحد: هل حقا ليل الكبار يستحق أن يعاش؟
ملحوظة: في موقع تحليل جوجل google analytic، وجدت شخصا من مدينة أوكلاند تصفح موقعي و استمر فيه نصف دقيقة. ففكرت في هذه القصة و أنا أحاول أن أتخيل كيف وصلت مدونتي إلى نيوزيلاندا. و خاصة أن مدونتي في بداية نشأتها و تقريبا بدون زوار إذا استثنينا محركات زحف غوغل و أنا بحكم اشتغالي عليها.