الحنين
كان دائما يسمع عن الزمن الجميل.
عندما كان يطلب من أبيه أن يلعب معه في إحدى ألعابه الإلكترونية، كان يجيبه بأنه في وقته كان اللعب جميلا بالكرات الزجاجية البلورية مع أطفال الحي. أما اليوم فاللعب أصبح حامضا بالألعاب الإلكترونية.
لم يكن يفهم لماذا والده يخبره دائما بأن زمنه كان أحسن من زمنه.
كانت تصيبه الغيرة يريد أن يعرف كيف عاش والده؟ و لماذا يستهزء دائما من زمنه؟
إذا طلب منه أن يصحبه إلى ماكدونالدز أخبره أنه في زمننا كنا نأكل أكلا صحيا، أما جيلكم فهو لا يملك القوة و لا الصحة فتجد شبابا في العشرينات و الثلاثينات ما زالت لهم سحنة أطفال و لا تبدو عليهم صلابة و قوة الرجولة.
إذا طلب منه أن يمنحه اشتراكا في نيتفليكس كمعظم زملائه، أخبره أنه في زمننا لم يكن عندنا انتيرنيت و لا بارابول و لا نيتفليكس و كنا نشاهد القناة المغربية فقط. أما جيلكم فإنه يعاني من التخمة و التلوث البصري و السمعي.
لم يكن يفهم لماذا أبوه متحامل جدا على جيله. و لم يكن يستوعب ما هو ذنبه إذا لم يولد في زمن أبيه. ثم لو ولد في زمن أبيه فأبوه قطعا ما كان سيكون أباه و لكن ربما أخاه أو صديقه.
و لكن والده كان متحجرا، و لا يريد أن يتأقلم مع جيله. و كان يشعر بالغربة. فهو لا ينتمي إلى جيل أبيه و لا إلى جيله.
ذهب إلى دولاب أبيه، بحث عن ملابس قديمة لأبيه بمثل سنه. ارتدى بنطلونا ضيقا من الأعلى و واسعا عند الساق و الأقدام. و لبس قميصا ضيقا بالمربعات. ثم ذهب مهرولا عند أبيه.
نظر إليه أبيه طويلا، و انسدلت دمعة من عين أبيه بدون وعي. و ضم الأب ابنه و قال له: " سامحني ابني. لم يكن كل شيء في زمننا جميلا. زمنكم أيضا جميل".
![]() |
.الأشياء البسيطة جميلة و إن لم تكن مريحة |